مرحبا بمحبي الشاي. لقد عدت من رحلتي من أرض زهور الأوركيد البيضاء في جبال
الهيمالايا، من بلدة كورسيونغ الناعسة التي يأتي منها شاي دارجيلنغ ذو
الشهرة العالمية.
وتعد زراعات الشاي هي المشهد الرئيسي في هذه
البلدة الهادئة، المعروفة بإنتاج أغلى أنواع الشاي في العالم من خلال مزارع
الشاي الجميلة والرحبة التي تميزها.
وهذه المساحات لا تضيف إلى
جمال كورسيونغ فحسب، بل تمنحك أيضا تجربة حية لعملية تصنيع الشاي. وتعد
رحلة لتذوق الشاي في مزارع الشاي هذه بمثابة هدية بالنسبة لمسافر أنهكه
السفر حول العالم.
ومع حدائق الشاي المتجددة وسلسلة الممتلكات جميلة
المنظر، تنشر السعادة وجاذبية الزمن الجميل المزدهر، وصفاء اللون الأخضر
وسط غطاء السحب.
يمثل الشاي مشروبا بالنسبة لكثيرين، لا يتناولون
الكحوليات، حيث يمنحنا مزاجا ممتازا سواء في لحظات التوتر أو السعادة. سوف
آخذكم الآن إلى تجربة رائعة في مسطحات الشاي الخضراء، وجنة خبراء الشاي.
وفي كورسيونغ، في قلب بلد الشاي، فإن ما يجعل مزرعتي «ماكيباري» و«أمبوتيا» متميزتين هو أن الشاي بهما «عضوي» و«حيوي».
وتعتبر
مزارع «ماكيباري» هي منبع الشاي، ففي هذه المزارع، التي تبلغ مساحتها 677
هكتارا وتمتد داخل شرق جبال الهيمالايا، لا تشمل تجربتك تذوق أفضل نكهة
للشاي فقط، بل تمتد أيضا لتشمل تجربة أسلوب حياة كامل.
تمثل مزارع
«ماكيباري» منتجعا سياحيا شديد الرقي، حيث تتمتع المساحة الخضراء بغطاء من
الغابات تتألف من 6 طبقات مع الحيوانات البرية والطيور. يصنع شاي ذو أوراق
فضية، الذي يتم حصاده في ليال مكتملة القمر. الإقامة في بيوت حجرية، مع 4
غرف فاخرة، وغرفة معيشة واسعة مع موقد من الحديد والفخار.
ويستضيف
العاملون في إعداد شاي «جورخا» الزوار في أكواخ ملحقة بمنازلهم الموجودة
بالـ7 قرى حول المزارع، التي ترتفع 4.500 قدم فوق سطح البحر، وتعد
«ماكيباري» الحديقة الأولى في العالم التي حصلت على تصريح للتجارة.
أسسها
بانيرجي في أربعينات القرن التاسع عشر، أثناء بداية انتشار صناعة الشاي في
المنطقة للمرة الأولى، تظل «ماكيباري» تحت إدارة، حيث يديرها حفيد
بانيرجي، المعروف باسم راجا.
ويعد راجا هو أسطورة دارجيلنغ، حيث فعل
من أجل إنتاج شاي دارجيلنغ أكثر مما فعله أي شخص آخر بالمنطقة. ففي عام
1988، جعل الزراعة بالمزارع طبيعية؛ وبعد ذلك بـ4 سنوات، كانت كلها بنظام
الزراعة الحيوية، وكانت الأولى في العالم.
اليوم، تنتج المزارع شاي
دارجيلنغ الأعلى ثمنا على الإطلاق، حيث كان يباع بمبلغ 70.000 روبية
للكيلوغرام. وعندما تنظر لحدائق الشاي، تبدو كملايين الأشجار الخضراء
المصطفة والمنتشرة في أميال من الحقول المتموجة على الأراضي الجبلية. ويعمل
700 عامل تم اختيارهم من السكان المحليين ليعملوا يوميا على قطف الشاي،
وتبلغ النساء نسبة 70 في المائة منهم.
وتنتهج مزارع «ماكيباري»
أسلوب الزراعة المستدامة، وهو أسلوب متكامل لإدارة الزراعات والغابات، حيث
تتعايش شجيرات الشاي في هذا النظام مع الغابات وغيرها من الزراعات. وفي
معظم الزراعات الأخرى، لا يزرع سوى محصول واحد، بينما تتميز الغابة بالحياة
البرية من نمور وغزلان وطيور وعناكب وثعابين والكثير من الحيوانات الأخرى
التي تعيش وسط الطبيعة.
وقد كان الاستمتاع بتناول الشاي في
«ماكيباري» يتضمن أعمالا كثيرة، تبدأ قبل حتى أن أستيقظ من نومي. ففي
الساعة 7:30 صباح كل يوم، أسمع طرقا على الباب، ثم تأتي مسؤولة المنزل
وتقدم إلى فنجانا من «شاي السرير» الساخن الطازج، فأرتشفه وأنا غير واعية،
قبل أن أخرج من تحت الأغطية الصوفية التي أتدثر بها إلى الهواء الجبلي
البارد.
وقد كنت أنزل في منزل زجاجي مع مجموعة من الناس من مختلف
أنحاء العالم، وتجمعنا حول طاولة عالية لتناول الشاي، واحتسينا ذلك السائل
ذا اللون الذهبي المخضر الذي يسمى «الرأس الفضي» ويدور بنعومة داخل فناجين
الشاي الشفافة في ضوء الصباح الذهبي. وسمعنا صوتا يقول لنا: «أغمضوا أعينكم
واشربوا. ولكن قبل ذلك، تمنوا أمنية».
هكذا تبدأ سياحة الشاي في
«مزرعة شاي ماكيباري». وبالنسبة لراجاه بانرجي، صاحب المزرعة، إذا لم تشعر
في نهاية رحلة داخل حديقة الشاي التي يمتلكها بأنك قد مررت بتجربة سحرية
وأسطورية وغامضة بشكل أو بآخر، فأنت في الحقيقة لم تجرب أي شيء.
ويقول
راجاه بانرجي: «هذه هي أرض الأحلام بالنسبة لي. إن عشق الشاي يجعل الشخصية
المميزة لماكيباري تنعكس في فنجان أيا كان المكان الذي تتناوله فيه من
العالم. شاي دارجيلنغ ليس صناعة، بل هو حرفة، هو فن متخصص للغاية».
وبعد
يوم كامل من الاستقراء - ما بين جلسات لتذوق الشاي وجولة داخل المصنع شرح
خلالها المرشد كيف تتم معالجة الأوراق ذات الرائحة الزكية التي تم قطفها
وهي طازجة وتحويلها إلى أنواع الشاي الأخضر والأبيض والأسود والتنين الأسود
- يحصل الزوار على بعض الخبرة العملية. ويستطيع من يفضلون البقاء في
زراعات الشاي أن يختاروا ما بين زراعة شجيرات الشاي وقطف أوراق الشاي
(ورقتان وبرعم هو كل ما تحتاجه كي تبدأ به في كل مرة) والعناية بالمشتل.
ومن يستمتعون بخوض تحديات أكثر صعوبة يمكنهم أن يجربوا حلب الأبقار أو
تنظيف حظائر الماشية. وتعتبر هذه فرصة رائعة للاستمتاع بالطعام المحلي
التقليدي الذي يعد من المحاصيل العضوية التي تنتجها القرية. ومن خلال بقائك
مع العائلات هناك، سوف تتاح لك الفرصة لفهم الثقافة والحياة المحلية لدى
الناس في هذه البقعة من العالم. وسوف ترى كيف تعيش الأسر وأطفالها حياتهم
اليومية في نفس المنزل الذي تقيم في إحدى غرفه.
ولا يوجد هناك
تلفزيون، لذا بعد دردشة عائلية مع مضيفيك - الذين سيسعدهم أن يشاركوك
الحكايات والأغاني الشعبية والمعلومات الزراعية - فسوف تذهب في الغالب إلى
النوم مبكرا، وتعد هذه ميزة إضافية، فإذا استيقظت بينما تلامس الوادي أشعة
الشمس الأولى، فسوف تكون لديك فرصة جيدة لمشاهدة طيور الهيمالايا الغريبة
مثل طائر أبو قرن المرقط وطائر «ثدي السلطان». وإذا كنت محظوظا للغاية،
فربما تشاهد حتى نمرا أو اثنين قبل أن تقفل عائدا إلى مضيفيك لتناول أول
شراب لذيذ في اليوم.
وفي الجزء التالي من الجولة السياحية، يذهب
السياح إلى العنبر الذي يتم فيه وزن الشاي واستبعاد الأوراق الأقل جودة، ثم
ينتقلون إلى المصنع بعد ذلك، حيث يتم بسط الشاي وتجفيفه بواسطة مراوح، قبل
أن يصب في أنبوب ويمر خلاله، من أجل تفتيت الأوراق إلى مسحوق في المرحلة
الأخيرة من الإنتاج.
وفي المصنع، تقوم الماكينات الفولاذية الضخمة
بتحويل المحصول إلى شاي قابل للشرب باستخدام الطريقة «المألوفة»، فبعد 16
إلى 20 ساعة داخل أحواض التذبيل التي تخرج منها الكثير مما بها من رطوبة،
يتم إدخال الأوراق الطازجة في أسطوانات تدور بها لتحولها إلى أشكال دقيقة
كانت في يوم من الأيام لا يتم التوصل إليها إلا باليد. ثم تأتي عملية
التخمر، التي يكتسب فيها الشاي نكهته، حيث يتخمر نصف تخمر ليتحول إلى شاي
التنين الأسود أو يتخمر تخمرا تاما ليعطينا الشاي الأسود. وبعد ذلك، يوضع
الشاي على النار (التحميص) لإيقاف التخمر، ثم يتم فرز الأوراق وتصنيفها
وتعبئتها وإرسالها إلى عنبر التذوق كي يحصل على موافقة السيد بانرجي.
ولا
عجب في أن فهم الشاي يستغرق وقتا، والسياح الذين يرغبون في مشاهدة العملية
بأكملها عليهم أن يتهيأوا لقضاء وقت طويل. والمتحمسون حقا يمكنهم البقاء
لموسم كامل من أجل مشاهدة عمليات قطف الشاي وتجميعه وتذبيله وتدويره
وتجفيفه وأخيرا تذوقه، أما الآخرون الذين يكتفون بمشاهدة يوم واحد في عملية
تصنيع الشاي فهم يفعلون ذلك بداية من شهر مارس (آذار) أو أبريل (نيسان) -
وهو موسم «أول الغيث»، ويكون ذلك حينما يبدأ أول ظهور للشاي الطازج - في
صورة برعم أخضر زاه مستقر داخل ورقتين باللون الأخضر الداكن أعلى النبتة،
بعد فصل الشتاء الجاف.
وتبتسم غلوريا يوين، وهي طالبة جامعية كندية
جاءت في إحدى رحلات سياحة الشاي في مزرعة «ماكيباري» مع اثنين من صديقاتها،
قائلة: «يا لها من تجربة رائعة».
وتتفق معها لينزي غودوين، وهي
كاتبة أميركية متخصصة في مجال الغذاء ولديها اهتمام خاص بالشاي والقهوة،
وسبق لها زيارة مزرعة «ماكيباري» مرتين، في أنها كانت إجازة تعليمية
متميزة.
ويعد الوقت الذي تقضيه في مزارع الشاي مجزيا، حيث تقضيه في
ما يفيد - فناهيك من الترحال، هناك عمليات القطف والتقليم والتذوق. وتضيف
مارتا ويلز، وهي فتاة أميركية في التاسعة عشرة من عمرها: «وكذلك تمني
الأمنيات»، حيث يشتهر معبد «لورد شيفا» الهندوسي داخل مزرعة «ماكيباري»
بأنه مكان مفضل لتمني الأمنيات. وما زال أمام مارتا عام كامل قبل أن تبدأ
دراستها الجامعية، وقد اختارت أن تقضيها في سياحة الشاي في الهند، حيث بدت
لها فكرة ليس لها مثيل. إذن هل كانت هذه هي الرحلة السحرية الغامضة التي
قيل لها إنها ستحصل عليها؟ تضحك مارتا بصوت خفيض ثم تقول: «حتى الآن نعم.
هل تصدق أنني أنتظر حقا أن تتحقق أمنيتي؟».
وتعد «مزرعة شاي
أمبوتيا»، التي تمتد على مساحة 350 هكتارا وتعج بشجيرات الدارجيلنغ، أكبر
مزرعة حيوية في العالم، وفازت بجائزة «المزرعة النموذجية» من الأمم
المتحدة. ولا تقدم المزرعة بعد حزمة سياحة شاي كاملة للزوار، ولكن لديها
اتفاقية مع نزل محلي للسياح، اسمه «كوشران بليس»، حيث ينظم لنزلائه جولات
سياحية لزيارة زراعات ومصانع الشاي التابعة للمزرعة. وعند سؤاله عن طريقة
الزراعة الحيوية، قال كريشنندو شاترجي من «مجموعة أمبوتيا» بصورة تبدو
المبالغة واضحة فيها: «نحن نسير على مبدأ أن الأرض تتحرك في إيقاع متناغم
مع بقية الكون، بما في ذلك الكواكب والنجوم الأخرى. يوضع في الاعتبار موقع
القمر والشمس والنجوم والكواكب الأخرى في كل مرحلة من المراحل، من مرحلة
الحرث والحصاد إلى مرحلة القطف. لقد ثبت علميا التأثير الذي يحدثه القمر
على الماء. كذلك نوعية التربة وحالتها تتحكم فيها قوى الكون».
باختصار،
تسير زراعة شاي «أمبوتيا» في تزامن مثالي مع الإيقاعات الكونية. وتتمتع
مزرعة «أمبوتيا» بجاذبية خاصة، فهي مزرعة عضوية لديها موقع إنتاج واسع
ومتنوع عند سفح تلال الشاي الخاصة بها. ويوضح جاي غوها نيوغي، الذي يشرف
على عملية الزراعة في مزرعة «أمبوتيا»، وهو مرشد سياحي عليه طلب كبير:
«الماء نادر في الجبال، ويعتمد الوادي على مياه الأمطار، كما نعتمد أيضا
على رشح الماء القادم من الشقوق الموجودة في الصخور، حيث نقوم بعدها
بتعبئته في عبوات».
وإذا كانت «ماكيباري» مزرعة برية و«غلينبورن» هي
أرض الخيال، فإن مزرعة الشاي الممتدة على مساحة 1600 فدان يعود تاريخها
إلى عام 1860، حين تأسست على يد شركة اسكوتلندية، وهي تمتد من ربوة يبلغ
ارتفاعها 3700 قدم بطول المسافة الواصلة حتى الضفاف الرملية للنهرين اللذين
يغذيهما جليد الهيمالايا وينسابان خلالها.
ويقع المكان على بعد
ساعة تقريبا من دارجيلنغ، وهو مليء بالمناظر الطبيعية الخلابة التي تبدو من
شدة روعتها كما لو كانت مناظر غير حقيقية من أحد المسلسلات الدرامية،
لكنها ليست كذلك. وما زالت المزرعة والمصنع يستخدمان، مما يعطي للضيوف
تجربة حقيقية إلى حد مدهش.
وتمتمت ونحن نتجه نحو «مزرعة شاي
غلينبورن»، في التلال الواقعة عند سفح جبال الهيمالايا: «الأمر حقا يستحق».
وطوال الرحلة المروعة التي امتدت 3 ساعات بالسيارة من المطار في باغدوغرا -
وهي نفسها تبعد مسافة ساعة بالطائرة عن كلكتا - نجونا من الطرق الجبلية
المتعرجة والمنحدرات العميقة وحادث مؤسف كدنا نتعرض له مع شاحنة قادمة. وقد
كانت تجربة يقف لها شعر الرأس، حتى في رفاهية سيارة فارهة بسائق خصوصي.
غير
أن ما تحتوي عليه المزرعة من الغابات المليئة بأشجار الساج، والصفوف
اللانهائية من شجيرات الشاي المخضوضرة، والخلفية المكونة من سلسلة جبال
كانشنجونغا المهيبة رفع من روحي المعنوية المنخفضة، كما فعلت فناجين شاي
دارجيلنغ الطازج اللذيذ التي استقبلتنا عند وصولنا، وقدمت معها الباكورة
الهندية (وهي فطائر مقلية في الزيت) وشطائر شهية (تمت إزالة القشرة
الخارجية منها بالطبع) والبراونيز والكعك المحلى المعد منزليا، جميعها
مقدمة في أوان من الصيني الفاخر أثارت انبهارنا على الفور.
ومنذ 10
سنوات تقريبا، قامت حسنة تارا براكاش، زوجة ابن المالك الحالي، بتجديد
«بورا بنغالو»، وهو بيت الضيافة الذي كان يملكه صاحب المزرعة الأصلي ويعود
إلى الحقبة الاستعمارية، وهو يضم حاليا 4 أجنحة جميلة، كل جناح منها مصمم
بأثاث تم طلاؤه يدويا، وستائر من قماش الموسلين الرقيق، وبياضات سرير مطرزة
يدويا. وتنتشر في أنحاء المكان مزهريات وأباريق أزهار الحديقة النضرة، مثل
زهور البازلاء الحلوة ذات الألوان الأرجوانية والقرنفلية والقنطريون
العنبري والأزهار ذات الرائحة العطرة.
ثم يأتي العشاء على طراز
عائلي، في ضوء الشموع، ويقدم على مائدة طويلة في غرفة الطعام، والفندق يرحب
بالضيوف داخل المطبخ الصغير النظيف لمشاهدة كيفية إعداد الطعام. ومن البيت
المكون من طابق وحيد، يمكنك مشاهدة النساء اللاتي يرتدين الساري الجميل
وهن يقطفن الأوراق ويحملنها إلى المصنع في سلال يحملنها بتوازن رائع فوق
رؤوسهن.
وأثناء الجولة - التي تنتهي بتجربة تذوق للشاي تتم بنفس
الجدية التي يتم بها اختبار عينات النبيذ - شاهدنا العمال وهم ينشرون
الأوراق على صينيات طويلة لتهويتها على مدار الليل، ثم يقومون بفرز وتصنيف
وتعبئة مجموعة أخرى من الأوراق داخل صناديق شاي مصنوعة يدويا.
ويمكنك
إقامة مخيم في الخلاء، أو التنزه عبر الغابة، أو التجول في أنحاء مدينة
دارجيلنغ، أو استكشاف المزرعة في سيارة ذات دفع رباعي، أو مجرد الجلوس
والاستمتاع بأشعة الشمس. ويمكنك زيارة منطقة مخيمات «غلينبورن» للقيام
بنزهة خلوية أو إقامة حفل شواء أو البقاء ليلة كاملة في نزل «غلينبورن»،
على ضفاف نهر «رانجيت». ومع استكشاف فدادين من الغابات الجميلة، وممارسة
بعض الأنشطة على ضفاف النهر أو داخل المنزل، ووجود مدينتي دارجيلنغ وسيكيم
على بعد خطوات، فإن قضاء أسبوع في «غلينبورن» قد يكون مليئا بالاسترخاء
والاستجمام أو حافلا بالحركة والمغامرات. وتقع دارجيلنغ على التلال
الموجودة عند سفح جبال الهيمالايا، على ارتفاع 7 آلاف قدم تقريبا. وتنظم
«شركة طيران جيت» و«شركة الخطوط الجوية الهندية» رحلات طيران يومية من
كلكتا (45 دقيقة) وغواهاتي (30 دقيقة) ونيودلهي (ساعتان) إلى باغدوغرا.
وتبعد «غلينبورن» مسافة ساعتين ونصف الساعة بالسيارة عن المطار. وتتوقف
الرحلات التي تنظمها «شركة طيران جيت» القادمة من دلهي في غواهاتي كل
يومين، وينصح الضيوف باتخاذ المسار المباشر (دلهي - باغدوغرا - دلهي)، مما
يقلل كثيرا من زمن الطيران.
الهيمالايا، من بلدة كورسيونغ الناعسة التي يأتي منها شاي دارجيلنغ ذو
الشهرة العالمية.
وتعد زراعات الشاي هي المشهد الرئيسي في هذه
البلدة الهادئة، المعروفة بإنتاج أغلى أنواع الشاي في العالم من خلال مزارع
الشاي الجميلة والرحبة التي تميزها.
وهذه المساحات لا تضيف إلى
جمال كورسيونغ فحسب، بل تمنحك أيضا تجربة حية لعملية تصنيع الشاي. وتعد
رحلة لتذوق الشاي في مزارع الشاي هذه بمثابة هدية بالنسبة لمسافر أنهكه
السفر حول العالم.
ومع حدائق الشاي المتجددة وسلسلة الممتلكات جميلة
المنظر، تنشر السعادة وجاذبية الزمن الجميل المزدهر، وصفاء اللون الأخضر
وسط غطاء السحب.
يمثل الشاي مشروبا بالنسبة لكثيرين، لا يتناولون
الكحوليات، حيث يمنحنا مزاجا ممتازا سواء في لحظات التوتر أو السعادة. سوف
آخذكم الآن إلى تجربة رائعة في مسطحات الشاي الخضراء، وجنة خبراء الشاي.
وفي كورسيونغ، في قلب بلد الشاي، فإن ما يجعل مزرعتي «ماكيباري» و«أمبوتيا» متميزتين هو أن الشاي بهما «عضوي» و«حيوي».
وتعتبر
مزارع «ماكيباري» هي منبع الشاي، ففي هذه المزارع، التي تبلغ مساحتها 677
هكتارا وتمتد داخل شرق جبال الهيمالايا، لا تشمل تجربتك تذوق أفضل نكهة
للشاي فقط، بل تمتد أيضا لتشمل تجربة أسلوب حياة كامل.
تمثل مزارع
«ماكيباري» منتجعا سياحيا شديد الرقي، حيث تتمتع المساحة الخضراء بغطاء من
الغابات تتألف من 6 طبقات مع الحيوانات البرية والطيور. يصنع شاي ذو أوراق
فضية، الذي يتم حصاده في ليال مكتملة القمر. الإقامة في بيوت حجرية، مع 4
غرف فاخرة، وغرفة معيشة واسعة مع موقد من الحديد والفخار.
ويستضيف
العاملون في إعداد شاي «جورخا» الزوار في أكواخ ملحقة بمنازلهم الموجودة
بالـ7 قرى حول المزارع، التي ترتفع 4.500 قدم فوق سطح البحر، وتعد
«ماكيباري» الحديقة الأولى في العالم التي حصلت على تصريح للتجارة.
أسسها
بانيرجي في أربعينات القرن التاسع عشر، أثناء بداية انتشار صناعة الشاي في
المنطقة للمرة الأولى، تظل «ماكيباري» تحت إدارة، حيث يديرها حفيد
بانيرجي، المعروف باسم راجا.
ويعد راجا هو أسطورة دارجيلنغ، حيث فعل
من أجل إنتاج شاي دارجيلنغ أكثر مما فعله أي شخص آخر بالمنطقة. ففي عام
1988، جعل الزراعة بالمزارع طبيعية؛ وبعد ذلك بـ4 سنوات، كانت كلها بنظام
الزراعة الحيوية، وكانت الأولى في العالم.
اليوم، تنتج المزارع شاي
دارجيلنغ الأعلى ثمنا على الإطلاق، حيث كان يباع بمبلغ 70.000 روبية
للكيلوغرام. وعندما تنظر لحدائق الشاي، تبدو كملايين الأشجار الخضراء
المصطفة والمنتشرة في أميال من الحقول المتموجة على الأراضي الجبلية. ويعمل
700 عامل تم اختيارهم من السكان المحليين ليعملوا يوميا على قطف الشاي،
وتبلغ النساء نسبة 70 في المائة منهم.
وتنتهج مزارع «ماكيباري»
أسلوب الزراعة المستدامة، وهو أسلوب متكامل لإدارة الزراعات والغابات، حيث
تتعايش شجيرات الشاي في هذا النظام مع الغابات وغيرها من الزراعات. وفي
معظم الزراعات الأخرى، لا يزرع سوى محصول واحد، بينما تتميز الغابة بالحياة
البرية من نمور وغزلان وطيور وعناكب وثعابين والكثير من الحيوانات الأخرى
التي تعيش وسط الطبيعة.
وقد كان الاستمتاع بتناول الشاي في
«ماكيباري» يتضمن أعمالا كثيرة، تبدأ قبل حتى أن أستيقظ من نومي. ففي
الساعة 7:30 صباح كل يوم، أسمع طرقا على الباب، ثم تأتي مسؤولة المنزل
وتقدم إلى فنجانا من «شاي السرير» الساخن الطازج، فأرتشفه وأنا غير واعية،
قبل أن أخرج من تحت الأغطية الصوفية التي أتدثر بها إلى الهواء الجبلي
البارد.
وقد كنت أنزل في منزل زجاجي مع مجموعة من الناس من مختلف
أنحاء العالم، وتجمعنا حول طاولة عالية لتناول الشاي، واحتسينا ذلك السائل
ذا اللون الذهبي المخضر الذي يسمى «الرأس الفضي» ويدور بنعومة داخل فناجين
الشاي الشفافة في ضوء الصباح الذهبي. وسمعنا صوتا يقول لنا: «أغمضوا أعينكم
واشربوا. ولكن قبل ذلك، تمنوا أمنية».
هكذا تبدأ سياحة الشاي في
«مزرعة شاي ماكيباري». وبالنسبة لراجاه بانرجي، صاحب المزرعة، إذا لم تشعر
في نهاية رحلة داخل حديقة الشاي التي يمتلكها بأنك قد مررت بتجربة سحرية
وأسطورية وغامضة بشكل أو بآخر، فأنت في الحقيقة لم تجرب أي شيء.
ويقول
راجاه بانرجي: «هذه هي أرض الأحلام بالنسبة لي. إن عشق الشاي يجعل الشخصية
المميزة لماكيباري تنعكس في فنجان أيا كان المكان الذي تتناوله فيه من
العالم. شاي دارجيلنغ ليس صناعة، بل هو حرفة، هو فن متخصص للغاية».
وبعد
يوم كامل من الاستقراء - ما بين جلسات لتذوق الشاي وجولة داخل المصنع شرح
خلالها المرشد كيف تتم معالجة الأوراق ذات الرائحة الزكية التي تم قطفها
وهي طازجة وتحويلها إلى أنواع الشاي الأخضر والأبيض والأسود والتنين الأسود
- يحصل الزوار على بعض الخبرة العملية. ويستطيع من يفضلون البقاء في
زراعات الشاي أن يختاروا ما بين زراعة شجيرات الشاي وقطف أوراق الشاي
(ورقتان وبرعم هو كل ما تحتاجه كي تبدأ به في كل مرة) والعناية بالمشتل.
ومن يستمتعون بخوض تحديات أكثر صعوبة يمكنهم أن يجربوا حلب الأبقار أو
تنظيف حظائر الماشية. وتعتبر هذه فرصة رائعة للاستمتاع بالطعام المحلي
التقليدي الذي يعد من المحاصيل العضوية التي تنتجها القرية. ومن خلال بقائك
مع العائلات هناك، سوف تتاح لك الفرصة لفهم الثقافة والحياة المحلية لدى
الناس في هذه البقعة من العالم. وسوف ترى كيف تعيش الأسر وأطفالها حياتهم
اليومية في نفس المنزل الذي تقيم في إحدى غرفه.
ولا يوجد هناك
تلفزيون، لذا بعد دردشة عائلية مع مضيفيك - الذين سيسعدهم أن يشاركوك
الحكايات والأغاني الشعبية والمعلومات الزراعية - فسوف تذهب في الغالب إلى
النوم مبكرا، وتعد هذه ميزة إضافية، فإذا استيقظت بينما تلامس الوادي أشعة
الشمس الأولى، فسوف تكون لديك فرصة جيدة لمشاهدة طيور الهيمالايا الغريبة
مثل طائر أبو قرن المرقط وطائر «ثدي السلطان». وإذا كنت محظوظا للغاية،
فربما تشاهد حتى نمرا أو اثنين قبل أن تقفل عائدا إلى مضيفيك لتناول أول
شراب لذيذ في اليوم.
وفي الجزء التالي من الجولة السياحية، يذهب
السياح إلى العنبر الذي يتم فيه وزن الشاي واستبعاد الأوراق الأقل جودة، ثم
ينتقلون إلى المصنع بعد ذلك، حيث يتم بسط الشاي وتجفيفه بواسطة مراوح، قبل
أن يصب في أنبوب ويمر خلاله، من أجل تفتيت الأوراق إلى مسحوق في المرحلة
الأخيرة من الإنتاج.
وفي المصنع، تقوم الماكينات الفولاذية الضخمة
بتحويل المحصول إلى شاي قابل للشرب باستخدام الطريقة «المألوفة»، فبعد 16
إلى 20 ساعة داخل أحواض التذبيل التي تخرج منها الكثير مما بها من رطوبة،
يتم إدخال الأوراق الطازجة في أسطوانات تدور بها لتحولها إلى أشكال دقيقة
كانت في يوم من الأيام لا يتم التوصل إليها إلا باليد. ثم تأتي عملية
التخمر، التي يكتسب فيها الشاي نكهته، حيث يتخمر نصف تخمر ليتحول إلى شاي
التنين الأسود أو يتخمر تخمرا تاما ليعطينا الشاي الأسود. وبعد ذلك، يوضع
الشاي على النار (التحميص) لإيقاف التخمر، ثم يتم فرز الأوراق وتصنيفها
وتعبئتها وإرسالها إلى عنبر التذوق كي يحصل على موافقة السيد بانرجي.
ولا
عجب في أن فهم الشاي يستغرق وقتا، والسياح الذين يرغبون في مشاهدة العملية
بأكملها عليهم أن يتهيأوا لقضاء وقت طويل. والمتحمسون حقا يمكنهم البقاء
لموسم كامل من أجل مشاهدة عمليات قطف الشاي وتجميعه وتذبيله وتدويره
وتجفيفه وأخيرا تذوقه، أما الآخرون الذين يكتفون بمشاهدة يوم واحد في عملية
تصنيع الشاي فهم يفعلون ذلك بداية من شهر مارس (آذار) أو أبريل (نيسان) -
وهو موسم «أول الغيث»، ويكون ذلك حينما يبدأ أول ظهور للشاي الطازج - في
صورة برعم أخضر زاه مستقر داخل ورقتين باللون الأخضر الداكن أعلى النبتة،
بعد فصل الشتاء الجاف.
وتبتسم غلوريا يوين، وهي طالبة جامعية كندية
جاءت في إحدى رحلات سياحة الشاي في مزرعة «ماكيباري» مع اثنين من صديقاتها،
قائلة: «يا لها من تجربة رائعة».
وتتفق معها لينزي غودوين، وهي
كاتبة أميركية متخصصة في مجال الغذاء ولديها اهتمام خاص بالشاي والقهوة،
وسبق لها زيارة مزرعة «ماكيباري» مرتين، في أنها كانت إجازة تعليمية
متميزة.
ويعد الوقت الذي تقضيه في مزارع الشاي مجزيا، حيث تقضيه في
ما يفيد - فناهيك من الترحال، هناك عمليات القطف والتقليم والتذوق. وتضيف
مارتا ويلز، وهي فتاة أميركية في التاسعة عشرة من عمرها: «وكذلك تمني
الأمنيات»، حيث يشتهر معبد «لورد شيفا» الهندوسي داخل مزرعة «ماكيباري»
بأنه مكان مفضل لتمني الأمنيات. وما زال أمام مارتا عام كامل قبل أن تبدأ
دراستها الجامعية، وقد اختارت أن تقضيها في سياحة الشاي في الهند، حيث بدت
لها فكرة ليس لها مثيل. إذن هل كانت هذه هي الرحلة السحرية الغامضة التي
قيل لها إنها ستحصل عليها؟ تضحك مارتا بصوت خفيض ثم تقول: «حتى الآن نعم.
هل تصدق أنني أنتظر حقا أن تتحقق أمنيتي؟».
وتعد «مزرعة شاي
أمبوتيا»، التي تمتد على مساحة 350 هكتارا وتعج بشجيرات الدارجيلنغ، أكبر
مزرعة حيوية في العالم، وفازت بجائزة «المزرعة النموذجية» من الأمم
المتحدة. ولا تقدم المزرعة بعد حزمة سياحة شاي كاملة للزوار، ولكن لديها
اتفاقية مع نزل محلي للسياح، اسمه «كوشران بليس»، حيث ينظم لنزلائه جولات
سياحية لزيارة زراعات ومصانع الشاي التابعة للمزرعة. وعند سؤاله عن طريقة
الزراعة الحيوية، قال كريشنندو شاترجي من «مجموعة أمبوتيا» بصورة تبدو
المبالغة واضحة فيها: «نحن نسير على مبدأ أن الأرض تتحرك في إيقاع متناغم
مع بقية الكون، بما في ذلك الكواكب والنجوم الأخرى. يوضع في الاعتبار موقع
القمر والشمس والنجوم والكواكب الأخرى في كل مرحلة من المراحل، من مرحلة
الحرث والحصاد إلى مرحلة القطف. لقد ثبت علميا التأثير الذي يحدثه القمر
على الماء. كذلك نوعية التربة وحالتها تتحكم فيها قوى الكون».
باختصار،
تسير زراعة شاي «أمبوتيا» في تزامن مثالي مع الإيقاعات الكونية. وتتمتع
مزرعة «أمبوتيا» بجاذبية خاصة، فهي مزرعة عضوية لديها موقع إنتاج واسع
ومتنوع عند سفح تلال الشاي الخاصة بها. ويوضح جاي غوها نيوغي، الذي يشرف
على عملية الزراعة في مزرعة «أمبوتيا»، وهو مرشد سياحي عليه طلب كبير:
«الماء نادر في الجبال، ويعتمد الوادي على مياه الأمطار، كما نعتمد أيضا
على رشح الماء القادم من الشقوق الموجودة في الصخور، حيث نقوم بعدها
بتعبئته في عبوات».
وإذا كانت «ماكيباري» مزرعة برية و«غلينبورن» هي
أرض الخيال، فإن مزرعة الشاي الممتدة على مساحة 1600 فدان يعود تاريخها
إلى عام 1860، حين تأسست على يد شركة اسكوتلندية، وهي تمتد من ربوة يبلغ
ارتفاعها 3700 قدم بطول المسافة الواصلة حتى الضفاف الرملية للنهرين اللذين
يغذيهما جليد الهيمالايا وينسابان خلالها.
ويقع المكان على بعد
ساعة تقريبا من دارجيلنغ، وهو مليء بالمناظر الطبيعية الخلابة التي تبدو من
شدة روعتها كما لو كانت مناظر غير حقيقية من أحد المسلسلات الدرامية،
لكنها ليست كذلك. وما زالت المزرعة والمصنع يستخدمان، مما يعطي للضيوف
تجربة حقيقية إلى حد مدهش.
وتمتمت ونحن نتجه نحو «مزرعة شاي
غلينبورن»، في التلال الواقعة عند سفح جبال الهيمالايا: «الأمر حقا يستحق».
وطوال الرحلة المروعة التي امتدت 3 ساعات بالسيارة من المطار في باغدوغرا -
وهي نفسها تبعد مسافة ساعة بالطائرة عن كلكتا - نجونا من الطرق الجبلية
المتعرجة والمنحدرات العميقة وحادث مؤسف كدنا نتعرض له مع شاحنة قادمة. وقد
كانت تجربة يقف لها شعر الرأس، حتى في رفاهية سيارة فارهة بسائق خصوصي.
غير
أن ما تحتوي عليه المزرعة من الغابات المليئة بأشجار الساج، والصفوف
اللانهائية من شجيرات الشاي المخضوضرة، والخلفية المكونة من سلسلة جبال
كانشنجونغا المهيبة رفع من روحي المعنوية المنخفضة، كما فعلت فناجين شاي
دارجيلنغ الطازج اللذيذ التي استقبلتنا عند وصولنا، وقدمت معها الباكورة
الهندية (وهي فطائر مقلية في الزيت) وشطائر شهية (تمت إزالة القشرة
الخارجية منها بالطبع) والبراونيز والكعك المحلى المعد منزليا، جميعها
مقدمة في أوان من الصيني الفاخر أثارت انبهارنا على الفور.
ومنذ 10
سنوات تقريبا، قامت حسنة تارا براكاش، زوجة ابن المالك الحالي، بتجديد
«بورا بنغالو»، وهو بيت الضيافة الذي كان يملكه صاحب المزرعة الأصلي ويعود
إلى الحقبة الاستعمارية، وهو يضم حاليا 4 أجنحة جميلة، كل جناح منها مصمم
بأثاث تم طلاؤه يدويا، وستائر من قماش الموسلين الرقيق، وبياضات سرير مطرزة
يدويا. وتنتشر في أنحاء المكان مزهريات وأباريق أزهار الحديقة النضرة، مثل
زهور البازلاء الحلوة ذات الألوان الأرجوانية والقرنفلية والقنطريون
العنبري والأزهار ذات الرائحة العطرة.
ثم يأتي العشاء على طراز
عائلي، في ضوء الشموع، ويقدم على مائدة طويلة في غرفة الطعام، والفندق يرحب
بالضيوف داخل المطبخ الصغير النظيف لمشاهدة كيفية إعداد الطعام. ومن البيت
المكون من طابق وحيد، يمكنك مشاهدة النساء اللاتي يرتدين الساري الجميل
وهن يقطفن الأوراق ويحملنها إلى المصنع في سلال يحملنها بتوازن رائع فوق
رؤوسهن.
وأثناء الجولة - التي تنتهي بتجربة تذوق للشاي تتم بنفس
الجدية التي يتم بها اختبار عينات النبيذ - شاهدنا العمال وهم ينشرون
الأوراق على صينيات طويلة لتهويتها على مدار الليل، ثم يقومون بفرز وتصنيف
وتعبئة مجموعة أخرى من الأوراق داخل صناديق شاي مصنوعة يدويا.
ويمكنك
إقامة مخيم في الخلاء، أو التنزه عبر الغابة، أو التجول في أنحاء مدينة
دارجيلنغ، أو استكشاف المزرعة في سيارة ذات دفع رباعي، أو مجرد الجلوس
والاستمتاع بأشعة الشمس. ويمكنك زيارة منطقة مخيمات «غلينبورن» للقيام
بنزهة خلوية أو إقامة حفل شواء أو البقاء ليلة كاملة في نزل «غلينبورن»،
على ضفاف نهر «رانجيت». ومع استكشاف فدادين من الغابات الجميلة، وممارسة
بعض الأنشطة على ضفاف النهر أو داخل المنزل، ووجود مدينتي دارجيلنغ وسيكيم
على بعد خطوات، فإن قضاء أسبوع في «غلينبورن» قد يكون مليئا بالاسترخاء
والاستجمام أو حافلا بالحركة والمغامرات. وتقع دارجيلنغ على التلال
الموجودة عند سفح جبال الهيمالايا، على ارتفاع 7 آلاف قدم تقريبا. وتنظم
«شركة طيران جيت» و«شركة الخطوط الجوية الهندية» رحلات طيران يومية من
كلكتا (45 دقيقة) وغواهاتي (30 دقيقة) ونيودلهي (ساعتان) إلى باغدوغرا.
وتبعد «غلينبورن» مسافة ساعتين ونصف الساعة بالسيارة عن المطار. وتتوقف
الرحلات التي تنظمها «شركة طيران جيت» القادمة من دلهي في غواهاتي كل
يومين، وينصح الضيوف باتخاذ المسار المباشر (دلهي - باغدوغرا - دلهي)، مما
يقلل كثيرا من زمن الطيران.