مناظره بين السماء والأرض
جالت السماء في ذلك المضمار وصالت ونوّهت برفيه قدرها , وقالت (تبارك الله الذي جعل في السماء بروجاً) ومنح أشرف الخلق مروجاً , وقدمني في الذكر في محكم الذكر , وشرفني بحسن القسم وأتحفني بأوفر القسم وقدسني من النقائص والعيوب وأطلعني على الغوامض والغيوب . وقد ورد أن الرب ينزل إلي كل ليله , فيولي من تعرض لنفحاته بره ونيله فيالها من تحفه جليله ومنحه جزيله يحق لي أن اجر بها ذيول العزه والافتخار .لتفردي بالرفعه والسمو وعلو المنزله دون غلو.
قالت الأرض: ويك لقد أكثرت نزرا وارتكبت بما فهت به وزرا أما إنه لا يعجب بنفسه عاقل ولا يأمن مكر ربه إلا غافل ومن إدعى ما ليس له بقوله أو فعله , فهلاكه أقرب إليه من شراك نعله , وقد قيل(من سعادة جدك وقوفك عند حدك)
وما كفاك أن خطرت في ميادين التيه والإعجاب حتى عرّضت لشتمي (إن هذا لشئٌ عُجاب) وهل اختصك الله بالذكر أو أقسم بك دوني في الذكر وآثر بالتقديم في جميع كلامه حتى تردين بالكبرياء وتعدّيت طور الحياء
فقابلتها السماء: بوحه قد قطبته ومجن قد قلبته وقالت لها في الحال: أيتها القانعةُ بالمحال ما كنت أحسبُ أنك تجترئين على مبارزة مثلي , وتنكرين عليّ ما ترنمت به من شواهد مجدي وفضلي , ولم ححدتي طهور شمس كمالي وهل لك من الفضائل والفواضل كما لي ولكن لك عندي عذراً جليا وإن كنتي (لقد جئتي شيئاً فريا).
قد تنكر العينُ ضوء الشمس من رمدٍ
وينكر الفمُ طعم الماء من السقمِ
ولو رأيت ما فيك من المساوي عياناً , لما ثنيت إلى حلبه المفاخره عناناً
تفوزين بأشرف الأقدار وأنتِ موضع الفضلات والأقذار
ما هذا التطاول والإقدام ووجهك موطئ النعال والاقدام؟ .
قالت لها الأرض: ايتها المغتره بطوال أقمارها والمعتزة بلوامع أنوارها اعلمي (ما كل بياض شحمه , ولا كل حمراء لحمه) فبما تزعمين بأنك أتقى وأنقى مني (وما عند الله خيرٌ وأبقى)
وأنتِ واقفه لي على أقدام الخدمه جاريه في قضاء مأرِبي بحسب الحكمه
وقد كلفك الحق بحمل مؤنتي وكلفك بمساعدتي ومعونتي , ووكلك بإيقاد سراجي ومصباحي ,
ووكلك إلى القيام بشؤوني في ليلي وصباحي , وليس علوك شاهداً لك بالرتبه العليّة فضلاً عن أن يوجب لك مقام الأفضليه
((فما كل مرتفع نجد ولا كل متعاظم ذو شرف ومجد))
وأجمل منك لم تر قطُ عيني
وأكمل منك لم تلد النساء
خُلقت مبرّءا من كل عيــبٍ
كأنـــك خُلقت كما تشــــاء
فأكرم به من نبيّ أسرني به وأرضى , كيف لا !! ولولاه ما خلق سماء ولا أرضا وجعلني له مسجدا وطهورا وأقر به عيني بطونا وظهورا.
فأبرقت السماء : وأرعدت وأزبدت , وقالت : إن لم تتخطي خطه المكابره وتتخلي عن هذه المثابره , لأغرقنك في بحر طوفاني أو احرقنك بصواعق نيراني وهل امتطيت السماكين أو إنتعلتِ الفرقدين حتى تفتخري عليّ وتشيري بالذم إليّ ؟ وتلك شهادة لي بالكمال وقد صدق من قال..
وإذا أتتك مذمه من ناقصٍ ..... فهي الشهادة لي بأني كامَلٌ
أم حسبتي أن لك في ذلك حجّه فخاطرتِ بنفسك في ركوب هذه اللجه وكنت كالباحث عن حتفه بظّلفه والجادع مارِن أنفه بكّفه .
أما دعواك أني واقفه لك على أقدام الخدمه , فهي مما يوجب لي عليك شكر الفضل والنعمه فلو تفكرتي أن خادم القوم هو السيد والمولى , وعرفتي الفاضل من المفضول .وتدبرتي أن (اليد العُليا خيرٌ من اليد السُفلى)
فإن كنتي تفتخرين بأشباحهم الظاهرة فأنا أفتخر بأرواحهم الطاهرة
فلما سمعت الأرض من السماء مقالة تقطر من خلالها الدماء أطرقت لمحه بارق خاطف أو نغبه طائر خائف ,,ثم
قنعت رأسها وصعدت أنفاسها
وقالت : لقد أكثرتي ياهذه من اللغط وما آثرت الصواب على الغلط , فعلام تهزئين بي وتستخفين بحسبي ,
أحسبتِ أن الجسم ما خُلق عبثاً لي من الفضائل ما ثبت بأصح البراهين والدلائل أما فيّ بقعة أشرف البقاع على الإطلاق , لضمها أعضاء من تُمم به مكارم الأخلاق , ومني الكعبة والمشعر الحرام والحجر وزمزم والركن والمقام وعلي بيوت الله تُشّد إليها الرحال.
قالت السماء : أيتها المعتديه لمفاضلتي والمتصّديه لمناضلتي ,متى قيس الترب بالعسجد , أو شبه الحصى بالزبرجد ,إن افتخرتي بشرف هاتيك البقاع فأين أنتي من عرش الرحمن الذي تعكف عليه أرواح أهل الإيمان, وأين أنتي من البيت المعمور والكرسي المكلل بالنور؟ كيف تزعمين بأنك أنه كتب لك بأوفر الحظوظ وعندي القلم الأعلى واللوح المحفوظ ؟
فتنزعت ((الارض)) عن مقالتها وعلمت أنها لاقبيل لها بمقابلتها استسلمت وبسطت لها بساط العتاب متمثله بقول ذي اللطف والآداب.
ثم قالت : اعلمي أيتها الموسومه بسلامة الصدر الموصوفه بسموالمنزله وعلو القدر , إن الله ما قارن اسمي باسمك ولا قابل صورة جسمي بجسمك إلا لمناسبة عظيمة وألفية بيننا قديمه فلا تشمتي بنا الأعداء وتسيئي الأحباء والأدواء . ثم انشدت البيت.
إذا كنت في كـــل الأمــــور معاتـــبا ؛؛؛ صديقك لم تلق الـــذي لا تعـــاتبه
وإن انت لم تشرب مراراً على القذى ؛؛؛ ظمئت وأي الناس تصفو مشاربهُ
جالت السماء في ذلك المضمار وصالت ونوّهت برفيه قدرها , وقالت (تبارك الله الذي جعل في السماء بروجاً) ومنح أشرف الخلق مروجاً , وقدمني في الذكر في محكم الذكر , وشرفني بحسن القسم وأتحفني بأوفر القسم وقدسني من النقائص والعيوب وأطلعني على الغوامض والغيوب . وقد ورد أن الرب ينزل إلي كل ليله , فيولي من تعرض لنفحاته بره ونيله فيالها من تحفه جليله ومنحه جزيله يحق لي أن اجر بها ذيول العزه والافتخار .لتفردي بالرفعه والسمو وعلو المنزله دون غلو.
قالت الأرض: ويك لقد أكثرت نزرا وارتكبت بما فهت به وزرا أما إنه لا يعجب بنفسه عاقل ولا يأمن مكر ربه إلا غافل ومن إدعى ما ليس له بقوله أو فعله , فهلاكه أقرب إليه من شراك نعله , وقد قيل(من سعادة جدك وقوفك عند حدك)
وما كفاك أن خطرت في ميادين التيه والإعجاب حتى عرّضت لشتمي (إن هذا لشئٌ عُجاب) وهل اختصك الله بالذكر أو أقسم بك دوني في الذكر وآثر بالتقديم في جميع كلامه حتى تردين بالكبرياء وتعدّيت طور الحياء
فقابلتها السماء: بوحه قد قطبته ومجن قد قلبته وقالت لها في الحال: أيتها القانعةُ بالمحال ما كنت أحسبُ أنك تجترئين على مبارزة مثلي , وتنكرين عليّ ما ترنمت به من شواهد مجدي وفضلي , ولم ححدتي طهور شمس كمالي وهل لك من الفضائل والفواضل كما لي ولكن لك عندي عذراً جليا وإن كنتي (لقد جئتي شيئاً فريا).
قد تنكر العينُ ضوء الشمس من رمدٍ
وينكر الفمُ طعم الماء من السقمِ
ولو رأيت ما فيك من المساوي عياناً , لما ثنيت إلى حلبه المفاخره عناناً
تفوزين بأشرف الأقدار وأنتِ موضع الفضلات والأقذار
ما هذا التطاول والإقدام ووجهك موطئ النعال والاقدام؟ .
قالت لها الأرض: ايتها المغتره بطوال أقمارها والمعتزة بلوامع أنوارها اعلمي (ما كل بياض شحمه , ولا كل حمراء لحمه) فبما تزعمين بأنك أتقى وأنقى مني (وما عند الله خيرٌ وأبقى)
وأنتِ واقفه لي على أقدام الخدمه جاريه في قضاء مأرِبي بحسب الحكمه
وقد كلفك الحق بحمل مؤنتي وكلفك بمساعدتي ومعونتي , ووكلك بإيقاد سراجي ومصباحي ,
ووكلك إلى القيام بشؤوني في ليلي وصباحي , وليس علوك شاهداً لك بالرتبه العليّة فضلاً عن أن يوجب لك مقام الأفضليه
((فما كل مرتفع نجد ولا كل متعاظم ذو شرف ومجد))
وأجمل منك لم تر قطُ عيني
وأكمل منك لم تلد النساء
خُلقت مبرّءا من كل عيــبٍ
كأنـــك خُلقت كما تشــــاء
فأكرم به من نبيّ أسرني به وأرضى , كيف لا !! ولولاه ما خلق سماء ولا أرضا وجعلني له مسجدا وطهورا وأقر به عيني بطونا وظهورا.
فأبرقت السماء : وأرعدت وأزبدت , وقالت : إن لم تتخطي خطه المكابره وتتخلي عن هذه المثابره , لأغرقنك في بحر طوفاني أو احرقنك بصواعق نيراني وهل امتطيت السماكين أو إنتعلتِ الفرقدين حتى تفتخري عليّ وتشيري بالذم إليّ ؟ وتلك شهادة لي بالكمال وقد صدق من قال..
وإذا أتتك مذمه من ناقصٍ ..... فهي الشهادة لي بأني كامَلٌ
أم حسبتي أن لك في ذلك حجّه فخاطرتِ بنفسك في ركوب هذه اللجه وكنت كالباحث عن حتفه بظّلفه والجادع مارِن أنفه بكّفه .
أما دعواك أني واقفه لك على أقدام الخدمه , فهي مما يوجب لي عليك شكر الفضل والنعمه فلو تفكرتي أن خادم القوم هو السيد والمولى , وعرفتي الفاضل من المفضول .وتدبرتي أن (اليد العُليا خيرٌ من اليد السُفلى)
فإن كنتي تفتخرين بأشباحهم الظاهرة فأنا أفتخر بأرواحهم الطاهرة
فلما سمعت الأرض من السماء مقالة تقطر من خلالها الدماء أطرقت لمحه بارق خاطف أو نغبه طائر خائف ,,ثم
قنعت رأسها وصعدت أنفاسها
وقالت : لقد أكثرتي ياهذه من اللغط وما آثرت الصواب على الغلط , فعلام تهزئين بي وتستخفين بحسبي ,
أحسبتِ أن الجسم ما خُلق عبثاً لي من الفضائل ما ثبت بأصح البراهين والدلائل أما فيّ بقعة أشرف البقاع على الإطلاق , لضمها أعضاء من تُمم به مكارم الأخلاق , ومني الكعبة والمشعر الحرام والحجر وزمزم والركن والمقام وعلي بيوت الله تُشّد إليها الرحال.
قالت السماء : أيتها المعتديه لمفاضلتي والمتصّديه لمناضلتي ,متى قيس الترب بالعسجد , أو شبه الحصى بالزبرجد ,إن افتخرتي بشرف هاتيك البقاع فأين أنتي من عرش الرحمن الذي تعكف عليه أرواح أهل الإيمان, وأين أنتي من البيت المعمور والكرسي المكلل بالنور؟ كيف تزعمين بأنك أنه كتب لك بأوفر الحظوظ وعندي القلم الأعلى واللوح المحفوظ ؟
فتنزعت ((الارض)) عن مقالتها وعلمت أنها لاقبيل لها بمقابلتها استسلمت وبسطت لها بساط العتاب متمثله بقول ذي اللطف والآداب.
ثم قالت : اعلمي أيتها الموسومه بسلامة الصدر الموصوفه بسموالمنزله وعلو القدر , إن الله ما قارن اسمي باسمك ولا قابل صورة جسمي بجسمك إلا لمناسبة عظيمة وألفية بيننا قديمه فلا تشمتي بنا الأعداء وتسيئي الأحباء والأدواء . ثم انشدت البيت.
إذا كنت في كـــل الأمــــور معاتـــبا ؛؛؛ صديقك لم تلق الـــذي لا تعـــاتبه
وإن انت لم تشرب مراراً على القذى ؛؛؛ ظمئت وأي الناس تصفو مشاربهُ