رحلة امرأة مع الغروب
رواية قصيرة بقلم الكاتبة رشا المالح
إجازة أخرى وسفر جديد إلى الطبيعة .. إلى إحدى بقاع الكون المنسية أحط الرحال.. في جزيرة شرق أوسطية لا زالت حضارتها تحتضن دفء الإنسان .. جغرافيتها، هضاب مرصودة بالشمس وسهول محمية بأسوار من الموج .أجلس على القمة في صباح اليوم التالي من وصولي .. في زاوية شرفة محاطة بإطار منخفض من أحجار برتقالية موشومة بلون أطلسي .. تطل على صخور موشحة بخضرة داكنة تفصلها عن المدى مساحات من المياه الزبرجدية .. من دون اكتفاء أعب من الهواء العليل.. صمت منغم بتغريد الطيور .. ..تصلني بدايات أشعة إشراقة الشمس .. أرى نفسي تتلاشى توشك على الانفلات من الجسد تكاد تحلق في تلك الأجواء.. غير أنني في اللحظة الأخيرة أتمكن من العودة .. علي أن أنجز مهمتي أولا قبل أن أنقاد للنداء
باختصار علي مواجهة كينونتي كـامرأة تطرق بوجل بوابة الأربعين وبيدها حقيبة حياتها. علي الآن في هذه المحطة أن أعد حقيبتي وأرتب احتياجاتي لرحلتي القادمة.
أنهض على مضض .. فالعين والقلب لم يرتويا بعد. أدخل غرفة الزمن أفاجأ بالمرآة قبالتي .. أحاول الهرب .. ولكن إلى متى ؟ ها أنا أتوقف أمامها (ابتسم) كم كان القمر سخيا لم يبخل علي بخيوطه الفضية طوال السنوات الماضية. غير أن شيئا آخر يشد اهتمامي ذلك الكرسي الخشبي المجدول بالقش المعكوس في المرآة كيف لم ألحظه من قبل. أذهب إليه أتأمله .. كان يشاركني جلستي دون أن أشعر بوجوده - ولم لا هناك أمور كثيرة في الحياة لا ندرك قيمتها إلا حين نفقدها- لا أدري لم أسرني حضوره، أشعر وأنا أمعن النظر فيه بغربة مفاجئة .. وكأن ذلك الكرسي بات في هنيهة وطني وتراثي. غير أني أغادره بإصرار.
أحمل حقيبتي الثقيلة وأضعها على طاولة الحاضر، أفتحها بهدوء وحذر. أجد الأشياء مختلطة في فوضى تدهشني .. الأمر ليس بالسهل وبحاجة إلى تركيز. مساحة الطاولة لا تكفي، من دون تردد أقلب محتويات الحقيبة على سرير وجودي. أجلس أمامها بعد أن أحضر الكرسي الخشبي من الشرفة. ها أنا أتأمل محتوياتها ولكن برهبة.
ترى من أين أبدأ .. ولمن الأولوية .. ما الذي علي أخذه معي؟ وما الذي علي تركه جانبا .. أحاول تصنيفها.. جميعها تبدو لي للوهلة الأولى مهمة .. أساسية لكينونتي .. أحاول أن أكون أكثر حزما مع نفسي .. ربما علي تصنيفها تبعا لمدى انتمائي لها .. أتردد.. يجب أن أركن عاطفتي جانبا. وأخيرا بعد تأمل وتفكير أهتدي إلى الوسيلة التي تريح أعماقي وتسهل مهمتي .. سأبدا بما يصادفني أو تلامسه يدي أو ذاكرتي.
أشعر ببعض الضيق بل بالخوف .. ربما علي أن أعد فنجانا من القهوة أولا .. أنقاد لرغبتي.. أعود بالفنجان وأجلس مستعدة للمواجهة.
رواية قصيرة بقلم الكاتبة رشا المالح
إجازة أخرى وسفر جديد إلى الطبيعة .. إلى إحدى بقاع الكون المنسية أحط الرحال.. في جزيرة شرق أوسطية لا زالت حضارتها تحتضن دفء الإنسان .. جغرافيتها، هضاب مرصودة بالشمس وسهول محمية بأسوار من الموج .أجلس على القمة في صباح اليوم التالي من وصولي .. في زاوية شرفة محاطة بإطار منخفض من أحجار برتقالية موشومة بلون أطلسي .. تطل على صخور موشحة بخضرة داكنة تفصلها عن المدى مساحات من المياه الزبرجدية .. من دون اكتفاء أعب من الهواء العليل.. صمت منغم بتغريد الطيور .. ..تصلني بدايات أشعة إشراقة الشمس .. أرى نفسي تتلاشى توشك على الانفلات من الجسد تكاد تحلق في تلك الأجواء.. غير أنني في اللحظة الأخيرة أتمكن من العودة .. علي أن أنجز مهمتي أولا قبل أن أنقاد للنداء
باختصار علي مواجهة كينونتي كـامرأة تطرق بوجل بوابة الأربعين وبيدها حقيبة حياتها. علي الآن في هذه المحطة أن أعد حقيبتي وأرتب احتياجاتي لرحلتي القادمة.
أنهض على مضض .. فالعين والقلب لم يرتويا بعد. أدخل غرفة الزمن أفاجأ بالمرآة قبالتي .. أحاول الهرب .. ولكن إلى متى ؟ ها أنا أتوقف أمامها (ابتسم) كم كان القمر سخيا لم يبخل علي بخيوطه الفضية طوال السنوات الماضية. غير أن شيئا آخر يشد اهتمامي ذلك الكرسي الخشبي المجدول بالقش المعكوس في المرآة كيف لم ألحظه من قبل. أذهب إليه أتأمله .. كان يشاركني جلستي دون أن أشعر بوجوده - ولم لا هناك أمور كثيرة في الحياة لا ندرك قيمتها إلا حين نفقدها- لا أدري لم أسرني حضوره، أشعر وأنا أمعن النظر فيه بغربة مفاجئة .. وكأن ذلك الكرسي بات في هنيهة وطني وتراثي. غير أني أغادره بإصرار.
أحمل حقيبتي الثقيلة وأضعها على طاولة الحاضر، أفتحها بهدوء وحذر. أجد الأشياء مختلطة في فوضى تدهشني .. الأمر ليس بالسهل وبحاجة إلى تركيز. مساحة الطاولة لا تكفي، من دون تردد أقلب محتويات الحقيبة على سرير وجودي. أجلس أمامها بعد أن أحضر الكرسي الخشبي من الشرفة. ها أنا أتأمل محتوياتها ولكن برهبة.
ترى من أين أبدأ .. ولمن الأولوية .. ما الذي علي أخذه معي؟ وما الذي علي تركه جانبا .. أحاول تصنيفها.. جميعها تبدو لي للوهلة الأولى مهمة .. أساسية لكينونتي .. أحاول أن أكون أكثر حزما مع نفسي .. ربما علي تصنيفها تبعا لمدى انتمائي لها .. أتردد.. يجب أن أركن عاطفتي جانبا. وأخيرا بعد تأمل وتفكير أهتدي إلى الوسيلة التي تريح أعماقي وتسهل مهمتي .. سأبدا بما يصادفني أو تلامسه يدي أو ذاكرتي.
أشعر ببعض الضيق بل بالخوف .. ربما علي أن أعد فنجانا من القهوة أولا .. أنقاد لرغبتي.. أعود بالفنجان وأجلس مستعدة للمواجهة.