قصة
موقع علي بابا Alibaba.com
كانت ولادته في شهر نوفمبر
1964، لكن وعُمره 12 عاما، أصر الطفل الصيني
الفقير “ما - يون” أو “جاك ما” على تعلم الانجليزية، ولذا حرص على مدى ثماني سنوات تالية
على أن يركب دراجته الصغيرة لمدة 40 دقيقة في صباح كل يوم، صحوا أو مطيرا،
ويهرع بها إلى فندق قرب مدينة هانجـزو، التي تقع على بعد 100 ميل من جنوب
مدينة شنجهاي. كان الفندق يعج بالسياح القادمين للتعرف على التنين الصيني
الناهض من سباته، ولذا سعدوا بتلقي خدمات فتى صيني يعرف المنطقة جيدا،
ويريد أن يتعلم اللغة الانجليزية في المقابل. هذه السنوات الثمانية كان لها
عظيم الأثر على طريقة تفكير جاك فيما بعد، إذ جعلته عالمي النزعة
والتفكير.
هذه السنوات
نتج عنها صداقات كثيرة، أهمها مع عائلة أسترالية دعت جاك لزيارتها في
أستراليا في صيف عام 1985، حيث أمضى جاك 31 يوما غيرت مجرى حياته، إذ أنها
كانت المرة الأولى التي يخرج فيها خارج بلده الصين، حيث تعلم في مدرسته أن
الصين هي أغنى بلد في العالم، وأن أهلها أسعد شعوب الأرض. بالطبع، تغير كل
هذا حين خرج من مطار الوصول، لتتغير طريقة تفكيره حتى اليوم.
رغم رسوبه في الاختبار المؤهل لدخول الجامعة مرتين، لكنه في
الثالثةتأهل لدخول أسوأ جامعة من حيث المستوى في مدينته (جامعة معلمي
هانجـزو)،وهو درس ليصبح مدرس لغة انجليزية ثانوي. عند تخرجه في عام
1988،وقع الاختيار على جاك من بين 500 خريج ليدّرس في الجامعة، وكان
راتبهالشهري يتراوح ما بين 12 إلى 15 دولار وقتها. كانت أمنية جاك أن
يتخرجويلتحق بالعمل في فندق أو ما شابهه، وهو تقدم لوظائف عدة، بدون جدوى،
حتىأنه تقدم ليعمل سكرتير المدير العام لمحلات كنتاكي، دونما فائدة.
أثناء تدريسه في الجامعة على مر خمس سنوات، أسس جاك شركة
ترجمة في هانجزو، وقضى عاما بأكمله في محاولة بيع أدوية للأطباء
وللمستشفيات. لكن في عام 1995 سافر جاك إلى الولايات المتحدة الأمريكية
كمترجم لشركة صينية أرادت الدخول في شراكة مع شريك أمريكي وكان لها ديون
مستحقة عليه، لكن حين ذهب جاك إلى الأخير في مسكنه، حبسه الرجل هناك لمدة
يومين تحت تهديد السلاح، ولم ينجو جاك من هذا الفخ سوى عبر مجاراة رجل
الأعمال هذا، والاتفاق معه على أن يصبح جاك شريكه الصيني في الصين، وأن
يؤسس شركة انترنت فور عودته إلي بلده، وبالطبع لم تتحقق أي من هذه
الاتفاقات المعقودة تحت تهديد السلاح.
بعدما خرج جاك من هذه المحنة، حامد شاكرا لله، سافر إلى سياتل
حيث أصدقاء له، وبعدما حكى لهم ما حدث، تعرف هناك على يد صديق له إلى شبكة
انترنت لأول مرة، وجرب البحث في موقع ياهو لأول مرة في حياته، وهو لاحظ
قلة أو ندرة أية معلومات عن بلده الصين.
بالتعاون مع صديقه، جرب جاك تصميم موقع بسيط لشركة الترجمة
الخاصة به. جاء التصميم قبيحا، لكن بعد الانتهاء منه ورفعه في تمام الساعة
التاسعة صباحا، وبحلول الخامسة مساء، كان جاك قد تلقى خمس رسائل بريدية
بخصوص شركته. هذه السرعة نبهت جاك إلى هذا المنجم الخصب الذي ينتظر من
يستغله.
بعد عودة جاك،
استقال من وظيفته، واقترض من أقاربه ما قيمته ألفين من الدولارات لتأسيس
شركة انترنت لتصميم موقع يسد هذا النقص المعلوماتي الشديد، وسمى الموقع
صفحات الصين أو China Pages في شهر ابريل من عام 1995. وقتها كان جاك جاهلا
بكل ما له علاقة بالكمبيوتر أو البريد الإلكتروني، وحتى ذلك الحين لم يكن
قد لمس لوحة مفاتيح على الإطلاق، وهو يصف نفسه وقتها بالأعمى الذي يركب على
ظهر نمر أعمى بدوره. بدأ جاك في تصميم مواقع انترنت للشركات الصينية.
كان منافس جاك شركة الاتصالات الصينية الحكومية، وهو تنافس
معها قرابة العام، حتى عرض مديرها العام استثمار مبلغ 185 ألف دولار في
الشركة مع جاك، وكان هذا الكم من المال أكبر ما وقعت عليه عينا جاك في
حياته. للأسف، فاق عدد أصوات الشريك الحكومي ذاك لجاك، ما جعل العديد من
أفكار جاك تلقى حتفها رفضا وبيروقراطية، حتى اضطر جاك للاستقالة في نهاية
الأمر.
تعلم جاك الدرس ورفض
الدخول من وقتها في شراكة تفقده حق الإدارة.بعدها قبل عرضا للعمل في
العاصمة بكين، حيث أدار مجموعة حكومية جديدة بغرضتنمية التجارة الإلكترونية
الصينية. من خلال هذه الوظيفة، تعرف جاك على جيري يانج، أحد مؤسسي موقع ياهو، خلال زيارة الأخير إلى سور الصين
العظيم. هذه المعرفة ظلت خامدة حتى جاء وقت الاستفادة منها.
كان حلم جاك أن يؤسس شركته الخاصة للتجارة الإلكترونية، ولذا
في شهر فبراير من عام 1999 دعا 18 عاملا في إدارته إلى شقته، وتحدث معهم
لمدة ساعتين عن رؤيته لشركته هذه، ليضع جميع الحضور أموالهم على طاولة
النقاش، جامعين قرابة 60 ألف دولار لتأسيس موقع علي بابا.
لماذا اختار جاك هذا الاسم؟ لأنه أراد شركة عالمية، وأراد
لها اسما سهلا، يمكن كتابته بسهولة، اسما يقرنه الناس بجملة افتح يا سمسم،
وهو شعار موقع علي بابا، والذي يفتح باب مغارة كنوز الصين المخفية، الكنوز
التي تفوق تلك في قصة ألف ليلة وليلة، لكن الطريف أن جاك صمم شعار الموقع
بنفسه!
يعزو جاك سبب
استمرار شركة علي بابا على قيد الحياة رغم البداية الصعبة إلى أسباب ثلاثة:
لم يكن لديهم أي مال بعد التأسيس، لم يكن لديهم التقنية اللازمة، لم يكن
لديهم أي خطة عمل. لكنهم حرصوا جيدا على أن يذهب كل دولار من رأس المال في
المكان الصحيح الدقيق.
كان
مقر عمل الشركة الناشئة في مسكن جاك، ولم ينتقلوا منها إلا بعد حصولهم على
تمويل مالي قدره 5 مليون دولار من مجموعة جولدمان ساشس الاستثمارية في
نهاية عام 1999 ثم تلاه التوسع التالي بعد حصولهم على التمويل التالي (20
مليون دولار) في عام 2000. كان نظام العمل 12 ساعة يوميا، 7 أيام في
الأسبوع، بعيدا تماما عن وسائل الإعلام، ولمدة ستة أشهر متواصلة.
يؤمن جاك بشيء راسخ: رؤية عالمية، ربح محلي، العميل أولا.
صمم جاك نموذج الربح الخاص بشركته (المقصود بذلك آلية التربح، ما الذي
تقدمه لتحصل على مقابل مالي له). كان تركيز الشركة منصبا على مساعدة قطاع
الأعمال الناشئة والصغيرة والمتوسطة على الربح، ويؤمن جاك أن هذه الرؤية هي
ما ضمنت لموقعه الاستمرار حتى اليوم، في حين ركزت المواقع المماثلة الأخرى
على الشركات الكبرى لكسب المال.
لم تنسخ شركة علي بابا نموذج إدارة أعمال من أمريكا، مثلما
فعل العديدمن رجال الأعمال الصينيين المعتمدين على التجارة الإلكترونية، بل
ركزت علىجودة الخدمة، وعلى تحقيق هدف بسيط، اضغط لتحصل على الخدمة، وإذا
لم يتحققذلك الأمر، كان جاك يراه هباء واجب المعالجة. رؤية جاك قائمة على
تقديمخدمة جديدة مجانا لمدة ثلاث سنوات، يبدأ بعدها في تحصيل مقابل مالي
لها،وخلال هذه الفترة، تفهم الشركة رغبات المستخدمين، وتتقن تقديم الخدمة.
يُطلق جاك على موقعه علي بابا موقع ألف غلطة وغلطة، فالتوسع
جاء سريعا للغاية، حتى جاء انفجار فقاعة مواقع انترنت في عامي 2000 و 2001،
والذي اضطرهم لتسريح بعض العاملين لديهم، حتى أنه في عام 2002 كان المال
المتبقي في أرصدة الشركة يكفيها فقط لتستمر في العمل لمدة عام ونصف، وكان
العديد من المشتركين في الموقع يستعملون خدماته مجانا بدون مقابل مالي، ولم
يعرف فريق العمل كيف يحصل على المال. ليس هذا وحسب، ففي عام 2003 ضرب وباء
فيروس سارس الصين وهونج كونج، وأصاب قطاع الإعمال في مقتل.
هذا الأمر دفع جاك للمجيء بمنتج يستطيع مصدرو الصين تقديمه
بشكل يلبي احتياجات المشترين في أمريكا، موقع taobao.com
للمزايدة الإلكترونية، على غرار موقع إيباي، الذي كان يدخل السوق الصينية
بهدوء وقتها. في نهاية عام 2002 كان ربح علي بابا السنوي هو دولار واحد،
لكن عام بعد عام تحسن الموقف كثيرا، حتى أصبح علي بابا اليوم من الشركات
عالية الربحية، يقدم خدمة البريد الإلكتروني، ونظام دفع إلكتروني (علي
باي)، ونظام مزايدة (تاو باو)، وسوق عالمي يجمع البائع والمشتري (علي
بابا)، وموقع لتبادل إعلانات مواقع انترنت الصينية (علي ماما)، وغير ذلك
الكثير من الخدمات.
الدرس
الذي تعلمه جاك من عثرات البداية الصعبة لموقع علي بابا هو ضرورة أن يكون
لديه فريق عمل عنده رؤية وقيم والقدرة على الابتكار والإبداع. عندما تكون
صغير الحجم، عليك أن تبقى منتبها ومركزا على هدفك، وأن تعتمد على عقلك لا
قوتك، وإذا لم تستلم، فلا زال لديك الفرصة لتنجح.
رغم ذلك، أدرك جاك أن عليه فعل شيء للحصول على المزيد من
الزوار لموقع علي بابا، ولذا بدأ يبحث عن شريك قوي، شريك قوي لديه محرك بحث
يضمن له توليد عدد كبير من الزيارات. ولذا في منتصف 2005 دخلت ياهو في
شراكة مع علي بابا، في صفقة قدرها 1 مليار دولار، وجعلت القيمة الإجمالية
لشركة علي بابا 4 مليار دولار. جرى الاتفاق على حصول ياهو على 40% من أسهم
علي بابا (مع نسبة أقل عند التصويت على القرارات)، في مقابل نقل ملكية
النسخة الصينية من موقع ياهو إلى علي بابا، هذه الملكية قدرت قيمتها بمقدار
700 مليون دولار.
يدين جاك
بالشكر لشركة إيباي، فبسبب تنافس ياهو الرهيب ضدها، وافقت ياهو على صفقتها
مع علي بابا. كذلك يعزو جاك سبب فشل إيباي في الصين إلى محاولتها نقل
نموذج عملها الأمريكي إلى الصين، لكن الصين وقتها لم تكن تعرف بطاقات
الائتمان والاعتماد، كما أن البنية التحتية لانترنت في الصين لا زالت
ضعيفة، مقارنة بالولايات المتحدة. يشبه جاك مغامرة إيباي بطائرة ركاب
جامبو، تريد الهبوط في ملعب مدرسي صغير، وهو أمر مستحيل.
رؤية جاك لليوم لا زالت كما هي، بناء نظام تجارة إلكترونية
يسمح للمشترين والبائعين بممارسة كل نواحي التجارة على الشبكة، وهو توجه
لتوفير البحث عبر انترنت في مشاركة مع موقع ياهو، وأطلق موقعا للمزايدات
وللدفع الإلكتروني. يريد جاك خلق مليون وظيفة، وأن يغير البيئة الاجتماعية
والاقتصادية للصين، وأن يؤسس أكبر سوق إلكتروني في العالم.
طرح أسهم الشركة في البورصة خطوة هامة جدا في حياة علي بابا،
جاءت حينما حانت الفرصة المناسبة، بعد ثبات أقدام الشركة، عند تحسن أحوال
السوق، وعلى يد إدارة قوية وراسخة، في شهر نوفمبر من عام 2007 وفي بورصة
هونج كونج، لتحقق أسهم الشركة زيادة قدرها 190% في أول يوم من طرحها
للتداول.
يؤكد جاك على أن
أهم شيء في حياته هو فعل شيء يؤثر إيجابا في حياة العديد من البشر، وفي
تطور الصين. يحمل جاك لقب الجد الأكبر لانترنت في الصين
موقع علي بابا Alibaba.com
كانت ولادته في شهر نوفمبر
1964، لكن وعُمره 12 عاما، أصر الطفل الصيني
الفقير “ما - يون” أو “جاك ما” على تعلم الانجليزية، ولذا حرص على مدى ثماني سنوات تالية
على أن يركب دراجته الصغيرة لمدة 40 دقيقة في صباح كل يوم، صحوا أو مطيرا،
ويهرع بها إلى فندق قرب مدينة هانجـزو، التي تقع على بعد 100 ميل من جنوب
مدينة شنجهاي. كان الفندق يعج بالسياح القادمين للتعرف على التنين الصيني
الناهض من سباته، ولذا سعدوا بتلقي خدمات فتى صيني يعرف المنطقة جيدا،
ويريد أن يتعلم اللغة الانجليزية في المقابل. هذه السنوات الثمانية كان لها
عظيم الأثر على طريقة تفكير جاك فيما بعد، إذ جعلته عالمي النزعة
والتفكير.
هذه السنوات
نتج عنها صداقات كثيرة، أهمها مع عائلة أسترالية دعت جاك لزيارتها في
أستراليا في صيف عام 1985، حيث أمضى جاك 31 يوما غيرت مجرى حياته، إذ أنها
كانت المرة الأولى التي يخرج فيها خارج بلده الصين، حيث تعلم في مدرسته أن
الصين هي أغنى بلد في العالم، وأن أهلها أسعد شعوب الأرض. بالطبع، تغير كل
هذا حين خرج من مطار الوصول، لتتغير طريقة تفكيره حتى اليوم.
رغم رسوبه في الاختبار المؤهل لدخول الجامعة مرتين، لكنه في
الثالثةتأهل لدخول أسوأ جامعة من حيث المستوى في مدينته (جامعة معلمي
هانجـزو)،وهو درس ليصبح مدرس لغة انجليزية ثانوي. عند تخرجه في عام
1988،وقع الاختيار على جاك من بين 500 خريج ليدّرس في الجامعة، وكان
راتبهالشهري يتراوح ما بين 12 إلى 15 دولار وقتها. كانت أمنية جاك أن
يتخرجويلتحق بالعمل في فندق أو ما شابهه، وهو تقدم لوظائف عدة، بدون جدوى،
حتىأنه تقدم ليعمل سكرتير المدير العام لمحلات كنتاكي، دونما فائدة.
أثناء تدريسه في الجامعة على مر خمس سنوات، أسس جاك شركة
ترجمة في هانجزو، وقضى عاما بأكمله في محاولة بيع أدوية للأطباء
وللمستشفيات. لكن في عام 1995 سافر جاك إلى الولايات المتحدة الأمريكية
كمترجم لشركة صينية أرادت الدخول في شراكة مع شريك أمريكي وكان لها ديون
مستحقة عليه، لكن حين ذهب جاك إلى الأخير في مسكنه، حبسه الرجل هناك لمدة
يومين تحت تهديد السلاح، ولم ينجو جاك من هذا الفخ سوى عبر مجاراة رجل
الأعمال هذا، والاتفاق معه على أن يصبح جاك شريكه الصيني في الصين، وأن
يؤسس شركة انترنت فور عودته إلي بلده، وبالطبع لم تتحقق أي من هذه
الاتفاقات المعقودة تحت تهديد السلاح.
بعدما خرج جاك من هذه المحنة، حامد شاكرا لله، سافر إلى سياتل
حيث أصدقاء له، وبعدما حكى لهم ما حدث، تعرف هناك على يد صديق له إلى شبكة
انترنت لأول مرة، وجرب البحث في موقع ياهو لأول مرة في حياته، وهو لاحظ
قلة أو ندرة أية معلومات عن بلده الصين.
بالتعاون مع صديقه، جرب جاك تصميم موقع بسيط لشركة الترجمة
الخاصة به. جاء التصميم قبيحا، لكن بعد الانتهاء منه ورفعه في تمام الساعة
التاسعة صباحا، وبحلول الخامسة مساء، كان جاك قد تلقى خمس رسائل بريدية
بخصوص شركته. هذه السرعة نبهت جاك إلى هذا المنجم الخصب الذي ينتظر من
يستغله.
بعد عودة جاك،
استقال من وظيفته، واقترض من أقاربه ما قيمته ألفين من الدولارات لتأسيس
شركة انترنت لتصميم موقع يسد هذا النقص المعلوماتي الشديد، وسمى الموقع
صفحات الصين أو China Pages في شهر ابريل من عام 1995. وقتها كان جاك جاهلا
بكل ما له علاقة بالكمبيوتر أو البريد الإلكتروني، وحتى ذلك الحين لم يكن
قد لمس لوحة مفاتيح على الإطلاق، وهو يصف نفسه وقتها بالأعمى الذي يركب على
ظهر نمر أعمى بدوره. بدأ جاك في تصميم مواقع انترنت للشركات الصينية.
كان منافس جاك شركة الاتصالات الصينية الحكومية، وهو تنافس
معها قرابة العام، حتى عرض مديرها العام استثمار مبلغ 185 ألف دولار في
الشركة مع جاك، وكان هذا الكم من المال أكبر ما وقعت عليه عينا جاك في
حياته. للأسف، فاق عدد أصوات الشريك الحكومي ذاك لجاك، ما جعل العديد من
أفكار جاك تلقى حتفها رفضا وبيروقراطية، حتى اضطر جاك للاستقالة في نهاية
الأمر.
تعلم جاك الدرس ورفض
الدخول من وقتها في شراكة تفقده حق الإدارة.بعدها قبل عرضا للعمل في
العاصمة بكين، حيث أدار مجموعة حكومية جديدة بغرضتنمية التجارة الإلكترونية
الصينية. من خلال هذه الوظيفة، تعرف جاك على جيري يانج، أحد مؤسسي موقع ياهو، خلال زيارة الأخير إلى سور الصين
العظيم. هذه المعرفة ظلت خامدة حتى جاء وقت الاستفادة منها.
كان حلم جاك أن يؤسس شركته الخاصة للتجارة الإلكترونية، ولذا
في شهر فبراير من عام 1999 دعا 18 عاملا في إدارته إلى شقته، وتحدث معهم
لمدة ساعتين عن رؤيته لشركته هذه، ليضع جميع الحضور أموالهم على طاولة
النقاش، جامعين قرابة 60 ألف دولار لتأسيس موقع علي بابا.
لماذا اختار جاك هذا الاسم؟ لأنه أراد شركة عالمية، وأراد
لها اسما سهلا، يمكن كتابته بسهولة، اسما يقرنه الناس بجملة افتح يا سمسم،
وهو شعار موقع علي بابا، والذي يفتح باب مغارة كنوز الصين المخفية، الكنوز
التي تفوق تلك في قصة ألف ليلة وليلة، لكن الطريف أن جاك صمم شعار الموقع
بنفسه!
يعزو جاك سبب
استمرار شركة علي بابا على قيد الحياة رغم البداية الصعبة إلى أسباب ثلاثة:
لم يكن لديهم أي مال بعد التأسيس، لم يكن لديهم التقنية اللازمة، لم يكن
لديهم أي خطة عمل. لكنهم حرصوا جيدا على أن يذهب كل دولار من رأس المال في
المكان الصحيح الدقيق.
كان
مقر عمل الشركة الناشئة في مسكن جاك، ولم ينتقلوا منها إلا بعد حصولهم على
تمويل مالي قدره 5 مليون دولار من مجموعة جولدمان ساشس الاستثمارية في
نهاية عام 1999 ثم تلاه التوسع التالي بعد حصولهم على التمويل التالي (20
مليون دولار) في عام 2000. كان نظام العمل 12 ساعة يوميا، 7 أيام في
الأسبوع، بعيدا تماما عن وسائل الإعلام، ولمدة ستة أشهر متواصلة.
يؤمن جاك بشيء راسخ: رؤية عالمية، ربح محلي، العميل أولا.
صمم جاك نموذج الربح الخاص بشركته (المقصود بذلك آلية التربح، ما الذي
تقدمه لتحصل على مقابل مالي له). كان تركيز الشركة منصبا على مساعدة قطاع
الأعمال الناشئة والصغيرة والمتوسطة على الربح، ويؤمن جاك أن هذه الرؤية هي
ما ضمنت لموقعه الاستمرار حتى اليوم، في حين ركزت المواقع المماثلة الأخرى
على الشركات الكبرى لكسب المال.
لم تنسخ شركة علي بابا نموذج إدارة أعمال من أمريكا، مثلما
فعل العديدمن رجال الأعمال الصينيين المعتمدين على التجارة الإلكترونية، بل
ركزت علىجودة الخدمة، وعلى تحقيق هدف بسيط، اضغط لتحصل على الخدمة، وإذا
لم يتحققذلك الأمر، كان جاك يراه هباء واجب المعالجة. رؤية جاك قائمة على
تقديمخدمة جديدة مجانا لمدة ثلاث سنوات، يبدأ بعدها في تحصيل مقابل مالي
لها،وخلال هذه الفترة، تفهم الشركة رغبات المستخدمين، وتتقن تقديم الخدمة.
يُطلق جاك على موقعه علي بابا موقع ألف غلطة وغلطة، فالتوسع
جاء سريعا للغاية، حتى جاء انفجار فقاعة مواقع انترنت في عامي 2000 و 2001،
والذي اضطرهم لتسريح بعض العاملين لديهم، حتى أنه في عام 2002 كان المال
المتبقي في أرصدة الشركة يكفيها فقط لتستمر في العمل لمدة عام ونصف، وكان
العديد من المشتركين في الموقع يستعملون خدماته مجانا بدون مقابل مالي، ولم
يعرف فريق العمل كيف يحصل على المال. ليس هذا وحسب، ففي عام 2003 ضرب وباء
فيروس سارس الصين وهونج كونج، وأصاب قطاع الإعمال في مقتل.
هذا الأمر دفع جاك للمجيء بمنتج يستطيع مصدرو الصين تقديمه
بشكل يلبي احتياجات المشترين في أمريكا، موقع taobao.com
للمزايدة الإلكترونية، على غرار موقع إيباي، الذي كان يدخل السوق الصينية
بهدوء وقتها. في نهاية عام 2002 كان ربح علي بابا السنوي هو دولار واحد،
لكن عام بعد عام تحسن الموقف كثيرا، حتى أصبح علي بابا اليوم من الشركات
عالية الربحية، يقدم خدمة البريد الإلكتروني، ونظام دفع إلكتروني (علي
باي)، ونظام مزايدة (تاو باو)، وسوق عالمي يجمع البائع والمشتري (علي
بابا)، وموقع لتبادل إعلانات مواقع انترنت الصينية (علي ماما)، وغير ذلك
الكثير من الخدمات.
الدرس
الذي تعلمه جاك من عثرات البداية الصعبة لموقع علي بابا هو ضرورة أن يكون
لديه فريق عمل عنده رؤية وقيم والقدرة على الابتكار والإبداع. عندما تكون
صغير الحجم، عليك أن تبقى منتبها ومركزا على هدفك، وأن تعتمد على عقلك لا
قوتك، وإذا لم تستلم، فلا زال لديك الفرصة لتنجح.
رغم ذلك، أدرك جاك أن عليه فعل شيء للحصول على المزيد من
الزوار لموقع علي بابا، ولذا بدأ يبحث عن شريك قوي، شريك قوي لديه محرك بحث
يضمن له توليد عدد كبير من الزيارات. ولذا في منتصف 2005 دخلت ياهو في
شراكة مع علي بابا، في صفقة قدرها 1 مليار دولار، وجعلت القيمة الإجمالية
لشركة علي بابا 4 مليار دولار. جرى الاتفاق على حصول ياهو على 40% من أسهم
علي بابا (مع نسبة أقل عند التصويت على القرارات)، في مقابل نقل ملكية
النسخة الصينية من موقع ياهو إلى علي بابا، هذه الملكية قدرت قيمتها بمقدار
700 مليون دولار.
يدين جاك
بالشكر لشركة إيباي، فبسبب تنافس ياهو الرهيب ضدها، وافقت ياهو على صفقتها
مع علي بابا. كذلك يعزو جاك سبب فشل إيباي في الصين إلى محاولتها نقل
نموذج عملها الأمريكي إلى الصين، لكن الصين وقتها لم تكن تعرف بطاقات
الائتمان والاعتماد، كما أن البنية التحتية لانترنت في الصين لا زالت
ضعيفة، مقارنة بالولايات المتحدة. يشبه جاك مغامرة إيباي بطائرة ركاب
جامبو، تريد الهبوط في ملعب مدرسي صغير، وهو أمر مستحيل.
رؤية جاك لليوم لا زالت كما هي، بناء نظام تجارة إلكترونية
يسمح للمشترين والبائعين بممارسة كل نواحي التجارة على الشبكة، وهو توجه
لتوفير البحث عبر انترنت في مشاركة مع موقع ياهو، وأطلق موقعا للمزايدات
وللدفع الإلكتروني. يريد جاك خلق مليون وظيفة، وأن يغير البيئة الاجتماعية
والاقتصادية للصين، وأن يؤسس أكبر سوق إلكتروني في العالم.
طرح أسهم الشركة في البورصة خطوة هامة جدا في حياة علي بابا،
جاءت حينما حانت الفرصة المناسبة، بعد ثبات أقدام الشركة، عند تحسن أحوال
السوق، وعلى يد إدارة قوية وراسخة، في شهر نوفمبر من عام 2007 وفي بورصة
هونج كونج، لتحقق أسهم الشركة زيادة قدرها 190% في أول يوم من طرحها
للتداول.
يؤكد جاك على أن
أهم شيء في حياته هو فعل شيء يؤثر إيجابا في حياة العديد من البشر، وفي
تطور الصين. يحمل جاك لقب الجد الأكبر لانترنت في الصين