الحكومة الليبية الغائب الكبير عن احتفالات ذكرى قيام الثورة
500 مجموعة مسلحة تهدد مستقبل ليبيا
المصدر: بقلم: كريس ستيفن
التاريخ: 08 مارس 2012
شيء واحد كان مفقوداً في الاحتفالات الصاخبة التي انطلقت في ميدان الشهداء في طرابلس، أخيراً، إحياءً لذكرى الثورة، فقد كانت هناك ألعاب نارية وفرق موسيقية راجلة وألوف من المصابيح الصينية المضاءة، لكن لم تكن هناك أي إشارة إلى وجود الحكومة.
والحقيقة هي انه بعد عام على الثورة التي اجتاحت ليبيا، ينظر المواطن العادي هناك إلى الحكومة على أنها مشكلة أكثر من كونها حلاً. وتقول الدكتورة هناء القلال، وهي اختصاصية قانونية تعمل مع مجموعات الحقوق المدنية في بنغازي: هذا الاحتفال كان يتعلق بالناس وليس بالحكومة، فالناس يقومون بوظائفهم أفضل من الحكومة.
وبالطبع، فإن المجلس الوطني الانتقالي الذي تلازمه الأزمات، يجب ان يحسد الناس العاديين على قدرتهم على ترتيب الاحتفالات، ذلك أن الميليشيات حافظت على الهدوء، ولم تطلق رصاصة واحدة، ليس بأمر من قيادتها بل بما يرقى إلى قبول مشترك.
استياء غربي
وكان قرار المجلس بعقد اجتماعاته في السر وحكم البلاد بالمراسيم، فيما هي تتشرذم أمام أنظاره، قد ترك الدبلوماسيين في حالة من الاستياء. ومصراته ثالث أكبر المدن الليبية عقدت انتخاباتها الخاصة دون حسيب أو رقيب من المجلس الانتقالي، وميليشياتها تسيطر على شريط بطول 300 ميل يمتد وسط ليبيا، وتفرض الأمن وفقاً لقرارات قيادة المدينة.
وفي شرق البلاد، يجتمع زعماء القبائل للنظر في خطوة شبيهة، وهم مستاؤون كما أهل مصراته، من شائعات تفيد بأن المجلس الانتقالي قد يؤجل الانتخابات العامة الموعود بها في يونيو المقبل. ولم يثر إعجاب منتقدي الحكومة تصريح رئيس المجلس مصطفى عبدالجليل، أخيراً، بأن المجلس سيشكل حزباً سياسياً، وهو ما بدا نكثاً بوعده القاضي بالانسحاب من السياسة ما ان تتحقق الديمقراطية.
ثم هناك الميلشيات، فليبيا لديها أكثر من 500 مجموعة مسلحة، كل منها يتبع أوامره الخاصة. والأمر العجيب لا يتعلق بمدى السوء الذي وصل إليه العنف والاشتباكات المسلحة، بل بمستوى الهدوء الذي يسود البلاد.
فقد تحدثت، أخيراً، منظمة العفو الدولية عن استمرار استخدام التعذيب والاحتجاز غير القانوني في البلاد، وسلطت الضوء على 12 حادثة وفاة تحت الاعتقال في سجون الميليشيات منذ سبتمبر الماضي، وبالطبع تثير هذه القضية المخاوف، لكنها في الوقت نفسه تشير إلى عدد يمكن اعتباره نجاحاً لو أنه سجل في أفغانستان والعراق.
وليست المشكلة وجود ميلشيات ليبية خارج السيطرة، بل عدم وجود آلية لضبط الأقلية التي تقترف انتهاكات حقوق الإنسان. ومع ذلك، فإن هذا النقص في السيطرة المركزية يؤذن بالكارثة، لأن نقص الأمن على امتداد ليبيا يعني أنه لا شيء يجري إنجازه، ولأن انضباط الميليشيات سوف يبدأ في الانحلال. تقول دوناتيلا روفيرا من منظمة العفو الدولية: مثل هذا الأمر سيئ جداً على الأمن والأعمال، وعلى كل شيء في ليبيا.
وكان المجلس قد أعلن عن تشكيل حكومة من التكنوقراط في أواخر نوفمبر الماضي، لكن هذه الحكومة تفتقر إلى السلطات. وكل القرارات الاستراتيجية من نصيب المجلس الانتقالي الذي تحول المشاحنات الداخلية التي تكتنفه دون إنجازه أي شيء. وبدلاً من حل المشكلات، فإن المجلس يجعلها تتفاقم، مثل المياه وراء السد. وقانون انتخابات يونيو تم نشره، لكن لا يوجد نظام قضائي لتطبيقه. وتصدر ليبيا الآن أكثر من مليون برميل من النفط في اليوم، لكن المسؤولين عن آلية التمويل الانتقالية يتذمرون من عدم السماح لهم برؤية الحسابات التي تظهر إلى أين تذهب عائدات النفط.
مسار تصادمي
وفي غضون ذلك، فإن الحكومة في مسار تصادمي مع محكمة الجنايات الدولية حيال قرارها محاكمة سيف الإسلام القذافي، نجل الدكتاتور السابق، في البلاد وفي ظل قوانين لم تنشر بعد، بدلًا من تسليمه إلى محكمة لاهاي.
ونظام المحاكم الليبي ما زال في طور التشكل، ولقد ترك المجلس الدبلوماسيين في حيرة أخيراً حين أعلن أن قانوناً حول العدالة في المرحلة الانتقالية تم تمريره سراً منذ شهرين.
وكما يقول أحد أعضاء الميلشيات في بنغازي إنه سيعطي الحكومة الجديدة فرصة، لكن: إذا تبين أنها ليست نافعة، فقد بتنا نعلم كيف نقوم بالثورة.
500 مجموعة مسلحة تهدد مستقبل ليبيا
المصدر: بقلم: كريس ستيفن
التاريخ: 08 مارس 2012
شيء واحد كان مفقوداً في الاحتفالات الصاخبة التي انطلقت في ميدان الشهداء في طرابلس، أخيراً، إحياءً لذكرى الثورة، فقد كانت هناك ألعاب نارية وفرق موسيقية راجلة وألوف من المصابيح الصينية المضاءة، لكن لم تكن هناك أي إشارة إلى وجود الحكومة.
والحقيقة هي انه بعد عام على الثورة التي اجتاحت ليبيا، ينظر المواطن العادي هناك إلى الحكومة على أنها مشكلة أكثر من كونها حلاً. وتقول الدكتورة هناء القلال، وهي اختصاصية قانونية تعمل مع مجموعات الحقوق المدنية في بنغازي: هذا الاحتفال كان يتعلق بالناس وليس بالحكومة، فالناس يقومون بوظائفهم أفضل من الحكومة.
وبالطبع، فإن المجلس الوطني الانتقالي الذي تلازمه الأزمات، يجب ان يحسد الناس العاديين على قدرتهم على ترتيب الاحتفالات، ذلك أن الميليشيات حافظت على الهدوء، ولم تطلق رصاصة واحدة، ليس بأمر من قيادتها بل بما يرقى إلى قبول مشترك.
استياء غربي
وكان قرار المجلس بعقد اجتماعاته في السر وحكم البلاد بالمراسيم، فيما هي تتشرذم أمام أنظاره، قد ترك الدبلوماسيين في حالة من الاستياء. ومصراته ثالث أكبر المدن الليبية عقدت انتخاباتها الخاصة دون حسيب أو رقيب من المجلس الانتقالي، وميليشياتها تسيطر على شريط بطول 300 ميل يمتد وسط ليبيا، وتفرض الأمن وفقاً لقرارات قيادة المدينة.
وفي شرق البلاد، يجتمع زعماء القبائل للنظر في خطوة شبيهة، وهم مستاؤون كما أهل مصراته، من شائعات تفيد بأن المجلس الانتقالي قد يؤجل الانتخابات العامة الموعود بها في يونيو المقبل. ولم يثر إعجاب منتقدي الحكومة تصريح رئيس المجلس مصطفى عبدالجليل، أخيراً، بأن المجلس سيشكل حزباً سياسياً، وهو ما بدا نكثاً بوعده القاضي بالانسحاب من السياسة ما ان تتحقق الديمقراطية.
ثم هناك الميلشيات، فليبيا لديها أكثر من 500 مجموعة مسلحة، كل منها يتبع أوامره الخاصة. والأمر العجيب لا يتعلق بمدى السوء الذي وصل إليه العنف والاشتباكات المسلحة، بل بمستوى الهدوء الذي يسود البلاد.
فقد تحدثت، أخيراً، منظمة العفو الدولية عن استمرار استخدام التعذيب والاحتجاز غير القانوني في البلاد، وسلطت الضوء على 12 حادثة وفاة تحت الاعتقال في سجون الميليشيات منذ سبتمبر الماضي، وبالطبع تثير هذه القضية المخاوف، لكنها في الوقت نفسه تشير إلى عدد يمكن اعتباره نجاحاً لو أنه سجل في أفغانستان والعراق.
وليست المشكلة وجود ميلشيات ليبية خارج السيطرة، بل عدم وجود آلية لضبط الأقلية التي تقترف انتهاكات حقوق الإنسان. ومع ذلك، فإن هذا النقص في السيطرة المركزية يؤذن بالكارثة، لأن نقص الأمن على امتداد ليبيا يعني أنه لا شيء يجري إنجازه، ولأن انضباط الميليشيات سوف يبدأ في الانحلال. تقول دوناتيلا روفيرا من منظمة العفو الدولية: مثل هذا الأمر سيئ جداً على الأمن والأعمال، وعلى كل شيء في ليبيا.
وكان المجلس قد أعلن عن تشكيل حكومة من التكنوقراط في أواخر نوفمبر الماضي، لكن هذه الحكومة تفتقر إلى السلطات. وكل القرارات الاستراتيجية من نصيب المجلس الانتقالي الذي تحول المشاحنات الداخلية التي تكتنفه دون إنجازه أي شيء. وبدلاً من حل المشكلات، فإن المجلس يجعلها تتفاقم، مثل المياه وراء السد. وقانون انتخابات يونيو تم نشره، لكن لا يوجد نظام قضائي لتطبيقه. وتصدر ليبيا الآن أكثر من مليون برميل من النفط في اليوم، لكن المسؤولين عن آلية التمويل الانتقالية يتذمرون من عدم السماح لهم برؤية الحسابات التي تظهر إلى أين تذهب عائدات النفط.
مسار تصادمي
وفي غضون ذلك، فإن الحكومة في مسار تصادمي مع محكمة الجنايات الدولية حيال قرارها محاكمة سيف الإسلام القذافي، نجل الدكتاتور السابق، في البلاد وفي ظل قوانين لم تنشر بعد، بدلًا من تسليمه إلى محكمة لاهاي.
ونظام المحاكم الليبي ما زال في طور التشكل، ولقد ترك المجلس الدبلوماسيين في حيرة أخيراً حين أعلن أن قانوناً حول العدالة في المرحلة الانتقالية تم تمريره سراً منذ شهرين.
وكما يقول أحد أعضاء الميلشيات في بنغازي إنه سيعطي الحكومة الجديدة فرصة، لكن: إذا تبين أنها ليست نافعة، فقد بتنا نعلم كيف نقوم بالثورة.