هل تحرر الليبيون…؟
بقلم / أمجاور أغريبيل
نعم .., لقد تحرر الليبيون بعد أن أعلن ذلك سيادة المستشار في كلمة مقتضبة لم ترتقي إلى مستوى الحدث , وفي حفل أقل ما يوصف به أن الفوضى كانت السمة الغالبة عليه..!!
نعم , لقد تحرر الليبيون بعد أن انتصروا في حربهم الشرسة التي خاضوها ضد القذافي وكتائبه , وعادوا إلى ديارهم ليخوضوا حربا أخرى , ولكن بدون مساعدة النيتو ودعمه هذه المرة , لأنها ستكون حربا يخوضونها ضد أنفسهم , ضد أربعة عقود من الفساد بكل أشكاله , فساد استشرى وأستغول وألتهم كل شئ , فساد طال النفوس والضمائر والذمم وحتى العقول , فساد أصبح جزءا من حياتنا , بتنا نتنفسه , نأكله ونشربه , فساد نمارسه علنا بل ونتباهى بأننا نفعل ذلك , فساد وصل إلى كل مؤسساتنا , فساد في مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا , فساد في عياداتنا ومستشفياتنا وكل ما له علاقة بصحتنا , فساد لم يسلم منه الطبيب ولا المهندس ولا المدرس ولا الطالب ولا الشرطي ولا العسكري ولا القاضي ولا المحامي ولا وكيل ا لنيابة ولا العامل ولا الموظف ولا التاجر , فساد لم ينجو منه وزير وزارة أو مدير إدارة أو شيخ قبيلة , فساد لم ينجو منه كائنا من كان عاش على أرضنا أو كانت له صلة بنا من أنس أو جان!! .
فساد بهذا الحجم وهذا الانتشار , كيف يمكن لنا أن نبداء في مكافحته ؟ ولمن نوكل هذه المهمة ؟ , أننا نحتاج إلى بعض سنوات حتى نؤسس لحكم ديمقراطي يزاول فيه القاضي ووكيل النيابة والمحامي عمله , في ظل فصل واضح للسلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية , وضعفها من السنين حتى ننشئ تعليم حقيقي يستجيب لمتطلبات المجتمع يتعلم فيه الطلاب كيف يفكرون لا كيف يحفظون , وأكثر من ذلك حتى نتمكن من إعادة البناء والإعمار , هذا إذا أعاد لنا الغرب أموالنا , وسمح لنا أن نستثمر في الصناعة والزراعة بدل الترفيه والسياحة.
أننا نحتاج ربما إلى عشرات السنين , حتى نلغي سلطة القبيلة أو نخفف من سطوتها وتسلطها وتدخلها السافر في كل صغيرة وكبيرة من حياتنا , وربما نحتاج إلى جيل كامل حتى نتعلم كيف نختلف ونتفق , كيف نتحاور ونتجادل , بعيدا عن قعقعة السلاح ولعلعة الرصاص .
سوف نحتاج إلى زمن ليس بالقصير , حتى نتصالح مع أنفسنا , ونلملم شتاتنا , ونضمد جراحنا , ونجمع فصائلنا العديدة تحت راية واحدة , ونوحد جهودنا في مواجهة أعدائنا , الذين ليسوا جنودا أو مرتزقة هذه المرة , بل هو هذا الركام من الجهل والتخلف واللامبالاة , والأنانية , والبطالة , والتواكل, وعدم الشعور بالمسئولية .
سوف نحتاج ربما إلى معجزة حتى تتمكن المرأة من شغل مكانها الصحيح في المجتمع دون الحاجة إلى أن تكون زوجة ثانية أو أن تختفي خلف برقعها أو جدران بيتها !!
نعم .. , تحرر الليبيون , لكن الأمن لم يستتب بعد , والاعتقالات العشوائية لم تتوقف , والسجون التى تعمل خارج سلطة وزارة الداخلية لازالت قائمة , وفوضى السلاح هي الصفة السائدة , وشح السيولة في المصارف لا حل لها حتى الآن , وأموالنا المجمدة لازالت تستهوي من جمودها .
نعم .., تحرر الليبيون , وغادرت طيارات النيتو سمائنا , وأبحرت بوارجه بعيدا عن مياهنا , ولكنها جاهزة لمعاودة الكرة , وتقديم المساعدة إذا لزم الأمر .
نعم .., تحرر الليبيون , وأنهى الحلف عملياته بعد أن أوكل المهمة إلى حلف عسكري أخر , تقوده هذه المرة الشقيقة قطر , يعمل على الأرض لتدريب الليبيين وحماية نفطهم وحدودهم
نعم .., تحرر الليبيون , وأعلنوا أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع ولكنها ليست الوحيدة , ربما حتى لا يحرموا أنفسهم من شرائع أخرى قد تدعو الحاجة إليها, فمن يدري ؟ ربما يعود اليهود الليبيون أو الطليان المستثمرون .
نعم .., تحرر الليبيون , وحان وقت دفع فاتورة الحساب , فمن قدم مساعدة أو منحة أو أعطى دولارا فله عشرة أمثاله والله يضاعف الآجر لمن يشاء , ومن أطلق رصاصة أو صاروخ فله ثمنه وزيادة, ومن قال كلمة طيبة أو ساندنا ولو بشق تمرة فأجره وأجرنا على الله .
نعم .., تحرر الليبيون , لكن عليهم كتابة دستورهم , و تحديد نظامهم السياسي , وترتيب بيتهم , الذي أصبح مكتضا بمختلف الفرق والجماعات , أخوان مسلمون يرتدون عبأة الديمقراطية ويفعلون أي شئ للوصول إلى السلطة , بعد أن وصلوا إليها بالشقيقة تونس وهم على وشك أن يفعلوا ذلك بمصر , علمانيون يتنكرون لعلمانيتهم حتى يلاقون القبول لدى الناس , صوفيون غارقون في تخيلاتهم ودخان مباخرهم , وهابيون يجوسون في المقابر يهدمون الأضرحة والقباب , جهاديون لهم فهمهم الخاص لفريضة الجهاد , تكفيريون يكفرون من يقول لا إله إلا الله , ملاحدة وليبراليون والقائمة تطول .
نعم .., تحرر الليبيون , لكن عليهم الإسراع في إجراء المصالحة الوطنية وتضميد الجراح ومواساة النفوس والقلوب وإعادة بناء ما تهدم , وعودة النازحين والهاربين من جحيم الحرب إلى مدنهم وبيوتهم .
نعم .., تحرر الليبيون , لكن شبح التقسيم بدأ يطل برأسه , تحت مسميات الفيدرالية والكونفيدرالية والحكم الذاتي , واكتشفنا أننا نتكلم أكثر من لغة , وننتمي إلى أكثر من مذهب , وهناك أكثر من علم يرفرف فوق رؤوسنا.
نعم .., تحرر الليبيون , لكن المحافظة على الاستقلال أصعب من نيله كما قال الملك إدريس , الذي قامت ثورة 17 فبراير باستعارة علمه الذي يتوسطه هلال ونجمة على خلفية سوداء , بعد أن أضاف إليه المحامي شنيب اللونين الأخضر والأحمر , متأثرا ببيت الشعر العربي الذي يصف مرابعنا بالخضر ووقائعنا بالسود , ونشيدها الذي كتبه شاعر تونسي , وقام بتلحينه ملحن مصري , بالإضافة إلى ارث من الممارسة السياسية والديمقراطية منع خلالها أي نشاط حزبي وتركزت السلطة الحقيقة في يد الملك المفدى رحمه الله !!!
نعم .., تحرر الليبيون.
بقلم / أمجاور أغريبيل
نعم .., لقد تحرر الليبيون بعد أن أعلن ذلك سيادة المستشار في كلمة مقتضبة لم ترتقي إلى مستوى الحدث , وفي حفل أقل ما يوصف به أن الفوضى كانت السمة الغالبة عليه..!!
نعم , لقد تحرر الليبيون بعد أن انتصروا في حربهم الشرسة التي خاضوها ضد القذافي وكتائبه , وعادوا إلى ديارهم ليخوضوا حربا أخرى , ولكن بدون مساعدة النيتو ودعمه هذه المرة , لأنها ستكون حربا يخوضونها ضد أنفسهم , ضد أربعة عقود من الفساد بكل أشكاله , فساد استشرى وأستغول وألتهم كل شئ , فساد طال النفوس والضمائر والذمم وحتى العقول , فساد أصبح جزءا من حياتنا , بتنا نتنفسه , نأكله ونشربه , فساد نمارسه علنا بل ونتباهى بأننا نفعل ذلك , فساد وصل إلى كل مؤسساتنا , فساد في مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا , فساد في عياداتنا ومستشفياتنا وكل ما له علاقة بصحتنا , فساد لم يسلم منه الطبيب ولا المهندس ولا المدرس ولا الطالب ولا الشرطي ولا العسكري ولا القاضي ولا المحامي ولا وكيل ا لنيابة ولا العامل ولا الموظف ولا التاجر , فساد لم ينجو منه وزير وزارة أو مدير إدارة أو شيخ قبيلة , فساد لم ينجو منه كائنا من كان عاش على أرضنا أو كانت له صلة بنا من أنس أو جان!! .
فساد بهذا الحجم وهذا الانتشار , كيف يمكن لنا أن نبداء في مكافحته ؟ ولمن نوكل هذه المهمة ؟ , أننا نحتاج إلى بعض سنوات حتى نؤسس لحكم ديمقراطي يزاول فيه القاضي ووكيل النيابة والمحامي عمله , في ظل فصل واضح للسلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية , وضعفها من السنين حتى ننشئ تعليم حقيقي يستجيب لمتطلبات المجتمع يتعلم فيه الطلاب كيف يفكرون لا كيف يحفظون , وأكثر من ذلك حتى نتمكن من إعادة البناء والإعمار , هذا إذا أعاد لنا الغرب أموالنا , وسمح لنا أن نستثمر في الصناعة والزراعة بدل الترفيه والسياحة.
أننا نحتاج ربما إلى عشرات السنين , حتى نلغي سلطة القبيلة أو نخفف من سطوتها وتسلطها وتدخلها السافر في كل صغيرة وكبيرة من حياتنا , وربما نحتاج إلى جيل كامل حتى نتعلم كيف نختلف ونتفق , كيف نتحاور ونتجادل , بعيدا عن قعقعة السلاح ولعلعة الرصاص .
سوف نحتاج إلى زمن ليس بالقصير , حتى نتصالح مع أنفسنا , ونلملم شتاتنا , ونضمد جراحنا , ونجمع فصائلنا العديدة تحت راية واحدة , ونوحد جهودنا في مواجهة أعدائنا , الذين ليسوا جنودا أو مرتزقة هذه المرة , بل هو هذا الركام من الجهل والتخلف واللامبالاة , والأنانية , والبطالة , والتواكل, وعدم الشعور بالمسئولية .
سوف نحتاج ربما إلى معجزة حتى تتمكن المرأة من شغل مكانها الصحيح في المجتمع دون الحاجة إلى أن تكون زوجة ثانية أو أن تختفي خلف برقعها أو جدران بيتها !!
نعم .. , تحرر الليبيون , لكن الأمن لم يستتب بعد , والاعتقالات العشوائية لم تتوقف , والسجون التى تعمل خارج سلطة وزارة الداخلية لازالت قائمة , وفوضى السلاح هي الصفة السائدة , وشح السيولة في المصارف لا حل لها حتى الآن , وأموالنا المجمدة لازالت تستهوي من جمودها .
نعم .., تحرر الليبيون , وغادرت طيارات النيتو سمائنا , وأبحرت بوارجه بعيدا عن مياهنا , ولكنها جاهزة لمعاودة الكرة , وتقديم المساعدة إذا لزم الأمر .
نعم .., تحرر الليبيون , وأنهى الحلف عملياته بعد أن أوكل المهمة إلى حلف عسكري أخر , تقوده هذه المرة الشقيقة قطر , يعمل على الأرض لتدريب الليبيين وحماية نفطهم وحدودهم
نعم .., تحرر الليبيون , وأعلنوا أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع ولكنها ليست الوحيدة , ربما حتى لا يحرموا أنفسهم من شرائع أخرى قد تدعو الحاجة إليها, فمن يدري ؟ ربما يعود اليهود الليبيون أو الطليان المستثمرون .
نعم .., تحرر الليبيون , وحان وقت دفع فاتورة الحساب , فمن قدم مساعدة أو منحة أو أعطى دولارا فله عشرة أمثاله والله يضاعف الآجر لمن يشاء , ومن أطلق رصاصة أو صاروخ فله ثمنه وزيادة, ومن قال كلمة طيبة أو ساندنا ولو بشق تمرة فأجره وأجرنا على الله .
نعم .., تحرر الليبيون , لكن عليهم كتابة دستورهم , و تحديد نظامهم السياسي , وترتيب بيتهم , الذي أصبح مكتضا بمختلف الفرق والجماعات , أخوان مسلمون يرتدون عبأة الديمقراطية ويفعلون أي شئ للوصول إلى السلطة , بعد أن وصلوا إليها بالشقيقة تونس وهم على وشك أن يفعلوا ذلك بمصر , علمانيون يتنكرون لعلمانيتهم حتى يلاقون القبول لدى الناس , صوفيون غارقون في تخيلاتهم ودخان مباخرهم , وهابيون يجوسون في المقابر يهدمون الأضرحة والقباب , جهاديون لهم فهمهم الخاص لفريضة الجهاد , تكفيريون يكفرون من يقول لا إله إلا الله , ملاحدة وليبراليون والقائمة تطول .
نعم .., تحرر الليبيون , لكن عليهم الإسراع في إجراء المصالحة الوطنية وتضميد الجراح ومواساة النفوس والقلوب وإعادة بناء ما تهدم , وعودة النازحين والهاربين من جحيم الحرب إلى مدنهم وبيوتهم .
نعم .., تحرر الليبيون , لكن شبح التقسيم بدأ يطل برأسه , تحت مسميات الفيدرالية والكونفيدرالية والحكم الذاتي , واكتشفنا أننا نتكلم أكثر من لغة , وننتمي إلى أكثر من مذهب , وهناك أكثر من علم يرفرف فوق رؤوسنا.
نعم .., تحرر الليبيون , لكن المحافظة على الاستقلال أصعب من نيله كما قال الملك إدريس , الذي قامت ثورة 17 فبراير باستعارة علمه الذي يتوسطه هلال ونجمة على خلفية سوداء , بعد أن أضاف إليه المحامي شنيب اللونين الأخضر والأحمر , متأثرا ببيت الشعر العربي الذي يصف مرابعنا بالخضر ووقائعنا بالسود , ونشيدها الذي كتبه شاعر تونسي , وقام بتلحينه ملحن مصري , بالإضافة إلى ارث من الممارسة السياسية والديمقراطية منع خلالها أي نشاط حزبي وتركزت السلطة الحقيقة في يد الملك المفدى رحمه الله !!!
نعم .., تحرر الليبيون.