صحيح “كلنا عمر المختار”, ولكن هل صحيح “كلنا إدريس السنوسي” ؟!!
كانت الجملة التي تناقلتها الألسن بعد الثورة الليبية “كلنا عمر المختار”, والتي أثبتت الأيام منذ قيام الثورة وحتى يومنا قد كانت من الجمل القليلة والصحيحة التي أخرجها للوجود الإحساس الإنساني الصادق عندما أحس أن كل الشعب الليبي قد تحول إلى عمر المختار في مقاومته لنظام القذافي.
فحتى تلك الشخصيات الكارتونية والتي خرجت علينا بعد قيام الثورة لتجعل من نفسها فقط عمر المختار, أو لتجعل من مدينتها أو قريتها فقط الجبل الأخضر في مقاومتها لنظام القذافي كما كان ذلك الجبل هو عرين شيخ الشهداء في مقاومته للاستعمار الفاشستي الإيطالي, بدأت في التواري عن الأنظار بعد أصبح تفكيرها يثير السخرية من باقي أفراد هذا الشعب الليبي, والذي كان قد عرف وتأكد سابقا أن كل فرد منه هو عمر المختار وأن كل قرية ومدينة من ليبيا قد أصبحت هي الجبل الأخضر, وليس مدن أو قرى تلك الشخصيات الكارتونية.
هذا من ناحية صحة أن كل ليبي قد تحول إلى عمر المختار أثناء مقاومتنا لنظام القذافي.
ولكن الغريب في الأمر هو خروج شخصيات ليبية كارتونية أخرى, وبعد أن عرفت أنها لا تستطيع أن تكون من تلك الغالبية الليبية والتي حولتها أيام المقاومة للقذافي إلى عمر المختار, أن تأخذ خطا آخر لكي تجعل من نفسها إدريس سنوسي ثورة 17 فبراير.
وكما نعلم من التاريخ السياسي الليبي, الدور الأساسي الذي كان للمرحوم إدريس السنوسي في بدء صنع الدولة الليبية بعد نهاية الحرب العالمية, وكيف أستطاع أن يلعب ذلك الدور ويحصل على استقلال ليبيا من بين أنياب الدول الكبرى, والتي كانت أغلبها ترفض ذلك الاستقلال, وكيف أستطاع أن يبني الدولة الليبية ليس من الصفر فقط بل من تحت الصفر بمسافة بعيدة, وكيف أصبحت ليبيا بعد سنوات قليلة رمزا ترغب أغلب دول العالم الثالث أن تكون مثلها.
وكيف كانت كلمات إدريس السنوسي قصيرة ولكنها تبقى دائما في ذاكرة التاريخ الإنساني مثل كلمته منذ بداية استقلال ليبيا: إن المحافظة على الاستقلال أصعب من نيله.
خرجت علينا تلك الشخصيات الليبية الكارتونية والتي توجد في كل مكان بدء من أعضاء في المؤتمر الانتقالي, إلى أطياف أخرى من كل شكل داخل وخارج ليبيا, وكل منها يظن نفسه فقط هو إدريس السنوسي الجديد الذي سيعيد بناء ليبيا من جديد, والتي كما نعرف جميعا ليست في نفس الحالة التي كانت عليها سنة 1951, عندما كانت بنيتها التحتية السياسية والاجتماعية والمادية توجد تحت الصفر بمسافة كبيرة.
وكما نعرف جميعا عندما يصاب أفراد عدة بعقدة أن كل منهم هو فقط المنقذ لليبيا, فإن الأمر الآتي بعد ذلك هو أن تبدأ البغضاء والكراهية بين تلك الفئة من الليبيين فكما يقال أن ( صاحب حرفتك عدوك ), وهذا الذي بدأ يجعل كل مراقب لما بدأ يحدث عندنا هنا في ليبيا من عمل سياسي, يظن أنه في وسط ساحة من المتحاربين على ليبيا, وليس في وسط ساحة من الناس الذين ينشدون فقط وفقط مصلحة ليبيا.
ونست كل تلك الشخصيات الليبية الكارتونية, أن ليبيا في هذه الفترة من تاريخها تحتاج فقط إلى العمل والفكر الجماعي من كل أطياف الشعب الليبي, وليس من المكن في هذه الفترة أيضا أن يكون هناك إدريس سنوسي واحد, بل يجب ويجب أن نكون ” كلنا إدريس السنوسي”, إذا كنا فعلا نعي صعوبة المرحلة التي نمر بها.
فهل بعد أصبحنا كلنا عمر المختار, في مقاومتنا لنظام القذافي؟, وكنا جميعا في مستوى مرحلة المقاومة العسكرية, هل سنستطيع فعلا أن نكون كلنا إدريس السنوسي؟, خلال فترة مقاومتنا السياسية القادمة.
أم أننا سنفشل ولا نكون مثل الآباء والأجداد الذين استطاعوا في القرن الماضي, أن يخرجوا لنا شخصيات مثل عمر المختار في الحرب وإدريس السنوسي في السياسة, ولا يستطيع الأبناء والأحفاد في بداية هذا القرن بعد أن نجحوا بكونهم كلهم عمر المختار, أن يخرج من بينهم إدريس سنوسي واحد وليس كونهم كلهم إدريس السنوسي.
عبدالرازق المنصوري
19 يناير 2012
كانت الجملة التي تناقلتها الألسن بعد الثورة الليبية “كلنا عمر المختار”, والتي أثبتت الأيام منذ قيام الثورة وحتى يومنا قد كانت من الجمل القليلة والصحيحة التي أخرجها للوجود الإحساس الإنساني الصادق عندما أحس أن كل الشعب الليبي قد تحول إلى عمر المختار في مقاومته لنظام القذافي.
فحتى تلك الشخصيات الكارتونية والتي خرجت علينا بعد قيام الثورة لتجعل من نفسها فقط عمر المختار, أو لتجعل من مدينتها أو قريتها فقط الجبل الأخضر في مقاومتها لنظام القذافي كما كان ذلك الجبل هو عرين شيخ الشهداء في مقاومته للاستعمار الفاشستي الإيطالي, بدأت في التواري عن الأنظار بعد أصبح تفكيرها يثير السخرية من باقي أفراد هذا الشعب الليبي, والذي كان قد عرف وتأكد سابقا أن كل فرد منه هو عمر المختار وأن كل قرية ومدينة من ليبيا قد أصبحت هي الجبل الأخضر, وليس مدن أو قرى تلك الشخصيات الكارتونية.
هذا من ناحية صحة أن كل ليبي قد تحول إلى عمر المختار أثناء مقاومتنا لنظام القذافي.
ولكن الغريب في الأمر هو خروج شخصيات ليبية كارتونية أخرى, وبعد أن عرفت أنها لا تستطيع أن تكون من تلك الغالبية الليبية والتي حولتها أيام المقاومة للقذافي إلى عمر المختار, أن تأخذ خطا آخر لكي تجعل من نفسها إدريس سنوسي ثورة 17 فبراير.
وكما نعلم من التاريخ السياسي الليبي, الدور الأساسي الذي كان للمرحوم إدريس السنوسي في بدء صنع الدولة الليبية بعد نهاية الحرب العالمية, وكيف أستطاع أن يلعب ذلك الدور ويحصل على استقلال ليبيا من بين أنياب الدول الكبرى, والتي كانت أغلبها ترفض ذلك الاستقلال, وكيف أستطاع أن يبني الدولة الليبية ليس من الصفر فقط بل من تحت الصفر بمسافة بعيدة, وكيف أصبحت ليبيا بعد سنوات قليلة رمزا ترغب أغلب دول العالم الثالث أن تكون مثلها.
وكيف كانت كلمات إدريس السنوسي قصيرة ولكنها تبقى دائما في ذاكرة التاريخ الإنساني مثل كلمته منذ بداية استقلال ليبيا: إن المحافظة على الاستقلال أصعب من نيله.
خرجت علينا تلك الشخصيات الليبية الكارتونية والتي توجد في كل مكان بدء من أعضاء في المؤتمر الانتقالي, إلى أطياف أخرى من كل شكل داخل وخارج ليبيا, وكل منها يظن نفسه فقط هو إدريس السنوسي الجديد الذي سيعيد بناء ليبيا من جديد, والتي كما نعرف جميعا ليست في نفس الحالة التي كانت عليها سنة 1951, عندما كانت بنيتها التحتية السياسية والاجتماعية والمادية توجد تحت الصفر بمسافة كبيرة.
وكما نعرف جميعا عندما يصاب أفراد عدة بعقدة أن كل منهم هو فقط المنقذ لليبيا, فإن الأمر الآتي بعد ذلك هو أن تبدأ البغضاء والكراهية بين تلك الفئة من الليبيين فكما يقال أن ( صاحب حرفتك عدوك ), وهذا الذي بدأ يجعل كل مراقب لما بدأ يحدث عندنا هنا في ليبيا من عمل سياسي, يظن أنه في وسط ساحة من المتحاربين على ليبيا, وليس في وسط ساحة من الناس الذين ينشدون فقط وفقط مصلحة ليبيا.
ونست كل تلك الشخصيات الليبية الكارتونية, أن ليبيا في هذه الفترة من تاريخها تحتاج فقط إلى العمل والفكر الجماعي من كل أطياف الشعب الليبي, وليس من المكن في هذه الفترة أيضا أن يكون هناك إدريس سنوسي واحد, بل يجب ويجب أن نكون ” كلنا إدريس السنوسي”, إذا كنا فعلا نعي صعوبة المرحلة التي نمر بها.
فهل بعد أصبحنا كلنا عمر المختار, في مقاومتنا لنظام القذافي؟, وكنا جميعا في مستوى مرحلة المقاومة العسكرية, هل سنستطيع فعلا أن نكون كلنا إدريس السنوسي؟, خلال فترة مقاومتنا السياسية القادمة.
أم أننا سنفشل ولا نكون مثل الآباء والأجداد الذين استطاعوا في القرن الماضي, أن يخرجوا لنا شخصيات مثل عمر المختار في الحرب وإدريس السنوسي في السياسة, ولا يستطيع الأبناء والأحفاد في بداية هذا القرن بعد أن نجحوا بكونهم كلهم عمر المختار, أن يخرج من بينهم إدريس سنوسي واحد وليس كونهم كلهم إدريس السنوسي.
عبدالرازق المنصوري
19 يناير 2012