موقف عبرة
لفتت
إنتباهي بجلوسها وحيدة في زاوية من زوايا الحجرة ، فقد آثرت أن تنفرد
بنفسها عن كل زميلاتها ، مطرقة مستغرقة في التفكير ، منسدل شعرها الأسود
الداكن على كتفيها فلم تكن محجبة ، نظرتها توحي إليَّ أنها تراقب ما حولها ،
لكن تقاسيم وجهها تُنبئ أنها شاردة الذهن أو أن شيئًا ما استقطب تفكيرها
.. كان سمعها موصول بخيطين مثبتين إلى جهاز تحمله معها .. مؤكد أنهما سبب
كل هذا الإنعزال والسكون .
تقدمت إليها ، وقطعت عنها عزلتها ووحدتها ،
حدثتني نفسي أنها تستمع لأغاني هذا المطرب الغربي أو تلك المغنية المشهورة
جهزت
بضع كلمات قلت أنصحها بها وأذكرها عسى أن تنفعها ، كل ذلك دار في نفسي في
ثواني معدودات وأنا متجهة إليها مسافة خطوات ليس إلا ، سلمت عليها فبيننا
علاقة طيبة تحدثنا قليلا ثم استعجلت الخوض فيما عزمت عليه ،
سألتها برفق : إلى ما تستمع الفتاة ؟
ابتسمت ولم تقل أي كلمة ، ثم أخذت السماعة لتضعها في أذني
كنت سأردها وهممت بمنعها وما زلت موقنة أنها أغاني ، لكني تراجعت واستجبت لطلبها
قالت : أنصيتي ، وتفاجئت فعلا ، الفتاة لا تستمع للطرب كما هيئ لي ،
بل تنصت لتلاوة عذبة ندية بصوت عبد الباسط عبد الصمد رحمه الله .
أثنيت ثناءا طيبا مقرونا بشيئ من الإعتذار ، وبنفس السرعة التي هجمت عليَّ تلك الافكار السيئة تزاحمت أخرى ، ..
ما أسرع سوء ظنك فيمن لا تظهر عليهم سمات الإلتزام ،
ما أشد استعجالك في إطلاق الأحكام إعتمادا على شكل قد يتنافى تماما مع جوهر صاحبه ،
منذ
ذلك الموقف إلى يومنا هذا ، أجاهد نفسي لأتفادى الحكم على المظهر ، وإن
بدا ما بدا وأسعى ما استطعت لترسيخ مبدأ حسن الظن في الجميع وإن كان المظهر
يفتح المجال واسعا لكل التوقعات ، فألزم نفسي وأذكرها :
وما يدريك لعل له خبيئة عمل ما اطلع عليها إلا مولاه ،
ينجيه بها وتهلكي بهذه الأحكام التي توزعينها جزافا على الناس ..
لم تمر إلا فترة بسيطة والتزمت الفتاة بالحجاب .
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ
ما أحوجنا خاصة في هذا الزمن لأن نحسن الظن في عباد الله ، وأن نحسن التبليغ عن الله
وكم من قريب أبعده عبد ظل يذكره بزلاته ويظن به سوءا ويحط من عزيمته حتى آيسه ومن روح الله .
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك .
لفتت
إنتباهي بجلوسها وحيدة في زاوية من زوايا الحجرة ، فقد آثرت أن تنفرد
بنفسها عن كل زميلاتها ، مطرقة مستغرقة في التفكير ، منسدل شعرها الأسود
الداكن على كتفيها فلم تكن محجبة ، نظرتها توحي إليَّ أنها تراقب ما حولها ،
لكن تقاسيم وجهها تُنبئ أنها شاردة الذهن أو أن شيئًا ما استقطب تفكيرها
.. كان سمعها موصول بخيطين مثبتين إلى جهاز تحمله معها .. مؤكد أنهما سبب
كل هذا الإنعزال والسكون .
تقدمت إليها ، وقطعت عنها عزلتها ووحدتها ،
حدثتني نفسي أنها تستمع لأغاني هذا المطرب الغربي أو تلك المغنية المشهورة
جهزت
بضع كلمات قلت أنصحها بها وأذكرها عسى أن تنفعها ، كل ذلك دار في نفسي في
ثواني معدودات وأنا متجهة إليها مسافة خطوات ليس إلا ، سلمت عليها فبيننا
علاقة طيبة تحدثنا قليلا ثم استعجلت الخوض فيما عزمت عليه ،
سألتها برفق : إلى ما تستمع الفتاة ؟
ابتسمت ولم تقل أي كلمة ، ثم أخذت السماعة لتضعها في أذني
كنت سأردها وهممت بمنعها وما زلت موقنة أنها أغاني ، لكني تراجعت واستجبت لطلبها
قالت : أنصيتي ، وتفاجئت فعلا ، الفتاة لا تستمع للطرب كما هيئ لي ،
بل تنصت لتلاوة عذبة ندية بصوت عبد الباسط عبد الصمد رحمه الله .
أثنيت ثناءا طيبا مقرونا بشيئ من الإعتذار ، وبنفس السرعة التي هجمت عليَّ تلك الافكار السيئة تزاحمت أخرى ، ..
ما أسرع سوء ظنك فيمن لا تظهر عليهم سمات الإلتزام ،
ما أشد استعجالك في إطلاق الأحكام إعتمادا على شكل قد يتنافى تماما مع جوهر صاحبه ،
منذ
ذلك الموقف إلى يومنا هذا ، أجاهد نفسي لأتفادى الحكم على المظهر ، وإن
بدا ما بدا وأسعى ما استطعت لترسيخ مبدأ حسن الظن في الجميع وإن كان المظهر
يفتح المجال واسعا لكل التوقعات ، فألزم نفسي وأذكرها :
وما يدريك لعل له خبيئة عمل ما اطلع عليها إلا مولاه ،
ينجيه بها وتهلكي بهذه الأحكام التي توزعينها جزافا على الناس ..
لم تمر إلا فترة بسيطة والتزمت الفتاة بالحجاب .
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ
ما أحوجنا خاصة في هذا الزمن لأن نحسن الظن في عباد الله ، وأن نحسن التبليغ عن الله
وكم من قريب أبعده عبد ظل يذكره بزلاته ويظن به سوءا ويحط من عزيمته حتى آيسه ومن روح الله .
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك .