عن رجل من بني أسد حكى رجل من تميم قال ضلت لي ابل فخرجت في طلبها فإذا أنا بجارية كأنها قمر تغشى بصر من ينظر إليها، فما رأتني قالت مالك ؟ قلت ضلت لي ابل فلم أعرف خبرها. فقالت هل أدلك على من عنده علمهن. قلت بلى قالت إن الذي أعطاكهن هو الذي أخذهن وهو أحق بردهن فسله من طريق التيقن لا من طريق الاختبار فأعجبني كلامها ووقفت أنظر إليها ثم راودتها عن نفسها فقالت هبك ليس لك مانع من أدب أمالك زاجر من الحياء فقلت لن يرانا إلا الكواكب. فقالت أين مكوكبها ؟ فقلت ألك بعل قالت قد كان ولكن دعي إلى ما خلق له فصار إلى ما خلق منه ثم أنشدت::
إني وإن عرضت أشياء تضحكني ... لموجع القلب مطوي على الحزن
إذا دجا الليل أحياني تذكره ... وزادني الصبح أشجاناً على شجني
وكيف ترقد عين صار مؤنسها ... بين التراب وبين القبر والكفن
ابلي الثرى وتراب الأرض جدّتة ... كأن صورته الحسناء لم تكن
أبكي عليه حنيناً حين أذكره ... حنين والهة حنت إلى وطن
أبكي على من حنت ظهري مصيبته ... وطير النوم عن عيني وأرقني
واللّه لا أنس حبي الدهر ما سجعت ... حمامة أو بكى طير على فنن
فقلت لها عندما رأيت من جمالها وفصاحتها هل لك في زوج لا تذم خلائقه وتؤمن بوائقه فأطرقت ملياً ثم أنشدت تقول::
كنا كغصنين في أصل غذاؤهما ... ماء الجداول في روضات جنات
فاجتث خيرهما من جنب صاحبه ... دهر يكر بفرحات وترحات
وكان عاهدني إن خانني زمني ... أن لا يضاجع أنثى بعد مثواتي
وكنت عاهدته إن خانه زمن... ألا أبوء ببعل طول محياتي
فلم نزل هكذا والوصل شيمتنا....حتى توفي قريبا من سنيات
فاقبض عنانك عمن ليس يردعه ... عن الوفاء خلاف في التحيات
رواها ابن قتيبة في عيون الاخبار ،وابن كثير في البداية والنهاية،وغيرهم
اختيار:الشاعر داود العرامين/فلسطين